صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/177

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٩ –

109- العربى صورة للنهضة أوربة وأسبابها وطريقة الحكم فيها حتى يقتبس المسلمون منها ما يصلح لهم ، وحتى يثير عندهم الرغبة فى الاقتداء بهم والعمل على منوالهم ، وقد أَوْدَعَه خلاصة ما رأى فى سياحاته وما قرأ وما فكر . ، وأهم ما يعنينا الآن مقدمته التي تشرح حال المسلمين وحاجتهم إلى الإصلاح (1)• وطريقته : وهو فيها ينعى (1) على المسلمين كراهيتهم الأخذ بأساليب المدنية الغربية في الإصلاح، واعتقادهم أن كل ما صدر عن أوربة حرام ، ويعللون ذلك بعلل مختلفة ؛ كأن يقولوا إنها مخالفة للشريعة الإسلامية ؛ أو يقولوا إنها إذا ناسبت الأم الغربية فلا تناسب الأمم الشرقية ، لأن كل أمة لها موقفها الاجتماعي وعقليتها وتاريخها ؛ أو أن يقولوا إن المدنية الغربية بطيئة الإجراءات وخاصةً في طريقة القضاء ، أو أن يقولوا إن النظم الغربية تستلزم التوسع في الإدارة وتقسيم الأعمال ، وهذا يستلزم كثرة الوظائف والموظفين ، وليس هناك مال يكفى لكل هذا ، فلا بد إذاً من فرض ضرائب جديدة ، والبلاد فقيرة وأهلها لا يحتملون زيادة الضرائب . وقد وقف نفسه للرد على هذه المزاعي فأما الزعم الأول فالتمسك بالدين لا يمنع من النظر فيما عند الأمم الأخرى ، والأخذ بأحسنه فيما يتعلق بالمصالح الدنيوية ، فليس بالناس يعرف الحق ، ولكن بالحق يعرف الناس، والحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث يجدها ، وسلمان الفارسي لما اقترح على النبي و الهلال اليوم حفر خندق في غزوة الأحزاب أخذ برأيه ولم يكن ذلك معروفاً عند العرب ، والمسلمون الأولون أخذوا علوم اليونان ومنها المنطق واستفادوا منها ، وقال الغزالي : من لا معرفة له بالمنطق لم يوثق بعلمه، وأبو بكر الصديق قال لخالد عند إرساله لقتال أهل الرّدّة فى اليمامة : « إذا لاقيت القوم فقاتلهم (1) ينعى : يعيب