صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/178

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦٠ –

بالسلاح الذى يقاتلونك به ، السهم للسهم والرمح للرمح والسيف للسيف ) ولو أدرك هذا الزمان لقال المدفع للمدفع والبارجة للبارجة والمدرعة للمدرعة . ولا يمكن الاستعداد لمنازلتهم بمثل سلاحهم إلا بالعلم وأسباب العمران . ثم نقول لهؤلاء الذين لا يستحسنون ما تأتى به المدنية الغربية : لماذا تنكرونها فقط في التنظيم ونتائجه والإدارة وضبطها والعدل وإقامته ، ولا تفكرونها فيما تتنافسون فيه من الملابس والأناث والمخترعات وأسباب الترف ؟ فالذين صنعوا أدوات الزينة والنعيم هم الذين صنعوا الأسلحة واخترعوا العلوم والمعارف . أنفتح الباب للأخذ منهم فيما لا ينفع ونغلقه أمام ما ينفع ؟ أنصُدُّ عن الأخذ عنهم ونتركهم يستغلون زراعتنا ومواردنا وينعمون بها ، ثم نكتفى منها بفتات موائدهم ؟ إنهم ما وصلوا إلى استغلالنا إلا بمعارفهم ، ولم ترتق معارفهم إلا بالعدل والحرية ، فكيف يسوع لعاقل أن يصد عن ذلك ويغمض عينه ولا يسمح به ، استناداً إلى خرافات وأوهام ؟ وقد قال بعض المؤلفين فى السياسة الحربية : « إن الأمة التي لا تجارى جاراتها في معداتها الحربية ونظمها العسكرية ، توشك أن تقع غنيمة في أيديهم) و إنما خص النظم الحربية بالذكر لأنها موضوع كتابه ، وإلا فالحكم عام في كل مرافق الحياة . ومن دواعي الأسف أن هذه النظرة إلى المدنية الغربية لا تزال تؤثر في بعض البيئات فى الأمم الإسلامية وإن اختلفت درجاتها في الإصغاء إلى هذه الدعوة ، كالتخويف من تعليم المرأة ومن الاستمداد من التشريع الحديث. ولعل هذا من الأسباب التي جعلت النصارى والمسلمين إذا اجتمعوا في قطر واحد كان النصارى أسبق إلى تشرب المدنية الغربية والاستفادة منها ، ثم يأتى بعض الناس فينسبون ذلك إلى طبيعة الإسلام ، والإسلام لا يمنع أن يقتبس الصالح من الأمر حيث كان وممن كان » .