صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/179

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦١ –

<-111- أما هؤلاء الذين يقولون إن المدنية الغربية لا تناسب الأم الإسلامية لموقفها الاجتماعي، فنقول: لهم إن أوربة عندما بدأت نهضتها كانت أسوأ حالا منا؛ والأمة الإسلامية - كما يشهد المنصفون - لها من عقليتها واستعدادها وسابق مدنيتها ما يمكنها من السير فى هذا المجال إذا أذركيت حريتها الكامنة ، فالحرية والطموح غريزتان فى المسلمين تأصلتا فيهم بتعاليم دينهم ؛ غاية الأمر أنه من الواجب على القادة الذين يضعون لهم أسس حريتهم ونظم إدارتهم أن يراعوا ظروفهم، وأن يقدموا لهم من ذلك ما يستطيعون هضمه ، ثم يوسع هذا شيئاً فشيئاً بنمو أسباب التمدن . أما القول ببطء الإجراءات ، فإن كان سببه إعطاء الحوادث حقها من التأمل حتى يتضح عند الحاكم وجه الحق ، بالإفساح للمتخاصمين أن يُدلوا بحججهم ، فلا يصح أن يشكو منه جاهل أو متجاهل ، وهذا خير ألف مرة مما يجرى الآن من الإسراع فى الحكم من غير تمحيص ومن غير إبداء أسباب . وإن كان سببه تقصير الموظفين أو قصورهم ، فما على الحكومة إلا أن تختار الأكفاء وتدربهم ، وكذلك الشأن في الأمور السياسية الكلية لا بأس من البطء فيها إذا كان البطء لتحرى الصواب ومعرفة وجه الحق . ومع هذا فقد يحدث البطء والتحفظ أول الأمر ، فإذا مرنت الأمة عليه أسرعت السير في شؤونها . وأما الخوف من زيادة الضرائب فالأمر بالعكس ، لأن الحكم الشورى" يجعل الضرائب لا تفرض إلا حيث المصلحة، وبرضا أهل الحل والعقد . على حين أن الحكم الاستبدادى يجعل فرض الضرائب شهوة من شهوات الحاكم المستبد . الأمة تم إن تنظيم الدولة وشؤونها بضبط دخلها وخرجها يزيد فى مصادرها فتنعم ) بماليتها ، وإذا فرضت ضريبة فلأنها تفيد أكثر مما تنضر ، لا كما هو حاصل الآن من وضع إيراد الدولة تحت تصرف الحكام يصرفون منه على شهواتهم زعماء الإصلاح م - ۱۱