صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/18

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

وشجر عجيبة . من قصدها من العوانس تزوجت لعامها ؛ وهذا الغار في « الدرعية » يحج إليه الناس للتبرك . وفي كل بلدة من البلاد الإسلامية مثل هذا ؛ ففي مصر شجرة الحنفى، ونعل الكلشنى ، وبوابة المتولى (۱) ؛ وفي كل قطر فكيف يخلص التوحيد مع كل هذه العقائد ؟ إنها تصد الناس عن الله الواحد ، وتشرك معه غيره ، وتسيء إلى النفوس ، وتجعلها ذليلة وضيعة محرفة ، وتجردها من فكرة التوحيد ، وتفقدها التسامى . وأساس آخر يتصل بهذا التوحيد كان يفكر فيه ( محمد بن عبد الوهاب » ، وهو أن الله وحده هو مشرع العقائد ، وهو وحده الذي يحلل ويحرم ، فليس كلام أحد حجة في الدين إلا كلام الله وسيد المرسلين ، فالله يقول : « أم لهم شركاء شَرَعُوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله » ؛ فكلام المتكلمين في العقائد ، وكلام الفقهاء في التحليل والتحريم ليس حجة علينا ؛ إنما إمامنا الكتاب والسنة ، وكل مستوف أدوات الاجتهاد له الحق أن يجتهد ؛ بل عليه أن يفعل ذلك ويستخرج من الأحكام - على حسب فهمه لنصوص الكتاب وما صح من السنة - ما يؤديه إليه اجتهاده. وإقفال باب الاجتهاد كان نكبة على المسلمين ؛ إذ أضاع شخصيتهم وقوتهم على الفهم والحكم ؛ وجعلهم جامدين مقلدين يبحثون وراء جملة فى كتاب أو فتوى من مقلد مثلهم ؛ حتى انحط شأنهم وتفرقوا أحزاباً يلمن بعضهم بعضاً ؛ ولا منجاة من هذا الشر إلا بإبطال هذا كله ، والرجوع إلى الدين في أصوله ، والاستقاء من منبعه الأول . وهكذا شغلت ذهنه فكرة التوحيد فى العقيدة مجردة من كل شريك ، وفكرة التوحيد في التشريع ، فلا مصدر له إلا الكتاب والسنة . (۱) شجرة الحنفى : شجرة كانت في جامع الحنفى يتبرك بها. ونعل الكلشي : نعل قديمة في تكية الكلشنى يزعمون أن الماء إذا شرب منها ينفع للتداوى من المعشق . وبوابة المتولى مملوءة بالمسامير تعلق بها الشعور والخيوط ليذكر بالخير من علقها . وهكذا .