صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/180

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦٢ –

- ١٦٢ - من غير حساب، فإذا أسرفوا وأتلفوا لم يجدوا إلا باب فرض ضرائب جديدة . الحق أن الأمم الإسلامية لا تصلح إلا بالنظام الشورى الذى يقيد الحاكم، و بأن نستمد من النظم الغربية والمدنية الحديثة ما يصلحنا . والحق - أيضاً - أن الذين يقفون أمام هذه الدعوة إلى الإصلاح إما جهلة لا يعرفون كيف تقدم العالم وكيف أصلح عيوبه وأسس نظمه ، ثم يدعوهم الجهل إلى الاستنامة لنظمهم المعيبة وطرقهم المعوجّة ، ويرون أن الإصلاح بدعة من بدع آخر الزمان ؛ وإما قوم يعلمون وجوه الإصلاح ومزاياه ، ولكنهم يرون أنها تسليهم منافعهم الشخصية التى تتوافر لهم بالاستبداد والفوضى ولا تتوافر بالنظام ، فيحار بونها تحت ستار ما يزعمون من أضرار ، وما يختلقون من أسباب ، وهم في باطن أنفسهم يعرفون أنهم كاذبون إن العدل والحرية هما ركنا الدولة ، وهما اللذان كانا في المملكة الإسلامية فأزهرت ثم فقدا فذبُلت ، ولم يكونا فى الدول الأوربية فانتابها الضعف والفساد، ثم كانا فصلح حالها ؛ وليس جو أوربة أحسن الأجواء ، ولا أرضها أصلح الأراضى ، وإنما بلغ أهلها ما بلغوا بالتقدم في العلوم والصناعات واستخراج كنوز الأرض بعلوم الزراعة ، وكسب المال بعلوم التجارة ؛ وهذا كله لم يكن إلا وليداً للعدل والحرية ، وهذه قوانين طبيعية لا تتخلف . عدل وحرية يتبعهما عمران ، وظلم واستبداد يتبعهما خراب . ثم إن العدل والحرية يجب أن يوضع لهما من النظم ما يضمن وجودها ودوامهما . وليس هناك ضمان إلا بالمجالس النيابية ، فقد يكون في الملوك من يحسن تصرفه بدون مشورة، ولكن يكون ذلك موقوتاً بوقته ، يزول بزواله ؛ فوجب أن يحاط الملوك بأهل الحل والعقد ، يشاركونهم في كليات السياسة ، ويكون