صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/183

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦٥ –

-170- هذه زبدة ما في المقدمة التي تبلغ نحو مائة صفحة ، ومنها نعرف وجهته في الإصلاح. ونعود بعد ذلك إلى متابعة حياته -1- بعد أن ترك خير الدين الوزارة وتخلى عن الكفاح وانصرف إلى التأليف خلا الجو لمصطفى خزنة دار ، يثقل كاهل الشعب بمظالمه ومغانمه . والباى محمد الصادق باشا الذى تولى سنة ١٢٧٦ رجل لين سهل ناعم ، لا يحب أن يواجه صعوبة ولا يسمع بمشكلة ، يسلم الأمور لوزيره ولا يسأله عما يفعل ، ولا يهمه منه إلا أن يواليه بالمال الكثير الذى يصرفه فى ترفه . والمجلس النيابي الذي أنشىء وجد فيه مصطفى خزنة دار عائقاً لتصرفاته واستبداده ، فألغاه وألغى كل ما تبعه من نظم ، وعادت الأمور إلى مجراها الأول ، واسترد الوزير حريته في فرض الضرائب وطرق تحصيلها . وما زال مصطفى خزنة دار يستنزف موارد البلاد حتى نَضَب معينها (1) قاتجه إلى أوربة يستدين منها، وفى أقل من سبع سنوات بلغ الدين ١٥٠ مليون فرنك ) .. ووقعت البلاد فى شريحنة ؛ فمن ناحية ثار الشعب من ضرائب تضاعفت ، بل بلغت في بعض الأحيان ثلاثة أمثالها ، إلى جور وفساد في التحصيل والتوزيع أسلاما إلى الإفلاس، حتى بلغ الحال آخر الأمر أن لم يكن في خزانة الدولة مرتبات أسرة الباى ولا مرتبات الموظفين ورجال الجيش ولا فوائد الديون ، وحتى اضطر أوساط الناس إلى إخراج نسائهم لجمع العشب وعروق الأشجار للاقتيات بها . ومن كان عنده قليل من المال أخفاه حتى لا يصادر ، وتظاهر بالفقر ، وكان يغلى القمح في الماء ليلا من غير طحن حتى لا يتهم بالرخاء ، وفشا المرض والموت إلى أفظع (1) العين : الماء الجارى