صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/184

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦٦ –

-197- حد . ومن ناحية أخرى تدخلت الدول الأوربية تريد المحافظة على ديونها واقترحت فرنسا تشكيل لجنة مالية ووافقتها إنجلترا و إيطاليا ، وصدر مرسوم من الباى سنة ١٢٨٦ بتشكيلها من فرنسيين وانجليز وإيطاليين يرأسها موظف تونسى وجعلت مهمتها توحيد الدين وتحديد الفوائد وإدارة المرافق التي خصصت لهذا الدين . وهكذا كانت رواية واحدة مثلت مرة في مصر، ومرة في تونس ، لم يختلف فيها إلا أشخاص الممثلين .. عند ذاك اتجه الباى إلى خير الدين يطلب منه أن يرأس هذه اللجنة فاعتذر، فالح عليه حتى قبل وحمل مهمة شاقة في الداخل والخارج ، ومنح لقب وزير ، ومن الغريب أن الباى احتفظ بمنصب الوزير الأول لمصطفى خزنة دار ، الذى أسلم البلاد للدمار ! وليس لهذا سبب إلا ضعف الباى وشلله أمامه كما يشل العصفور أمام الثعبان . واجه خير الدين مشاكل من أعسر الأمور ؛ فاللجنة المالية المختلطة تريد أن تضع يدها على كل شيء في الدولة ، لأن كل شيء متصل بالمال ، حتى المعلم في المدرسة والقاضي في المحكمة ، ولو فعلت لأضاعت استقلال البلاد بتاتاً . ومشكلة ثانية، وهى كيف ينقذ هذا الشعب بعد ما احترق بالجوع والفقر والمرض وفقدان الثقة بالحكومة ؟ ومشكلة ثالثة ، وهي بقاء مصطفى خزنة دار رئيساً للوزارة ، وهو الشَّره في المال كشرهه في حب السلطة والجاه. ومن ذاق لذة ذلك لم يتنع عنه اختياراً ، وهو بطبيعته وتاريخه عدو كل إصلاح ، غيور ممن يشاركه جاهه فأما المشكلة الأولى فاستطاع خير الدين – بالمفاوضات الطويلة مع اللجنة ومع الدول - أن يحضر دائرة نفوذها فى موارد محدودة ، وأن ينظم ميزانية الدولة