صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/186

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٦٨ –

-17- وقوة الاحتمال في مثل هذه الأحوال رذيلة من أكبر ما تمنى (١) به الشعوب . من ذلك الحين كان خير الدين هو الوزير الأول ، أطلقت يده فيما يرى من إصلاح ، ولا بغل يده إلا مطامع الدول . تولى إصلاح القطر من جميع نواحيه السياسية والزراعية والتعليمية والاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية . فسلك مع قناصل الدول مسلكا حازماً صريحاً ، يُضفى إلى طلباتهم للمعقولة ويرفض غير المعقولة ، مع ذكر الأسباب المفصلة للرفض ، فلا يُدَاهِن ولا يُراني . ولذلك احترموه ولو خالفوه، وقد يضعون العقبات في سبيله باطناً ولكنهم يجاملونه ظاهراً . و نظم وقسم الأراضى الزراعية إلى مناطق ، وتحرى اختيار الأمناء لجلب الضرائب . ومن سهل عليه دفع الضريبة نقداً فعل ، أو محصولا فعل ، ونكل بمن ثبتت عليه الخيانة من الجباة ، العلاقات بين الملاك والمزارعين وبين الملاك والحكومة . وألغى الضرائب غير المعقولة وغير المستطاعة ، وأبطل الحملات العسكرية لتحصيل الضرائب بالقوة ، لأنها كثيراً ما كانت تؤول إلى أعمال السلب والنهب ، فعادت للناس طمأنينتهم ، وعادت للحكومة هيتها واحترامها ، وانصرف الناس إلى الزراعة بعد أن كانوا ينصرفون عنها . ولما ترك الحكم كانت مساحة الأرض المستغلة مليون هكتار، وكانت حين تسلم زمام الحكم ستين ألفاً . وفى التعليم أنشأ مدرسة عصرية تعلم فيها العلوم العربية والشرعية ، وبجانبها الثقافة العصرية مع تعليم اللغات التركية والفرنسية والإيطالية ، وأصلح التعليم بجامع الزيتونة ، وجمع الكتب المبعثرة فى المساجد ، وكون بها مكتبة كبيرة ، ووهب لها من عنده ألفا ومائة كتاب مخطوط، ونظمها تنظمها حديثاً ، وحتن (۱) تمنى : تصاب .