صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/191

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٧٣ –

خير الدين : أنت رجل عسكرى مثلى تعلم أنى لا أستطيع مخالفة أمر حكومتي إلا إذا خالفت واجبى ، ولست أملك حرية الاختيار بين طاعتى للواجب ، ومجاملتى لقائدك ، وإذا فأنا راحل في الساعة التي حددتها . الضابط : في هذه الحالة أحذرك وأنذرك بأن قائدى - مع الأسف - سيمنعك بالقوة . خير الدين : كان الأولى أن تبدأ مهمتك بهذا الكلام ، ولست في منزلة تجعلنى أتلقى الأوامر من قائدك ، ولستُ مغيّراً قرارى ، والحكومة التونسية مطلقة الحرية في تصرفها. وسأمنحك الوقت الكافى للعودة إلى بارجتك وتبليغ قائدك ما قلت ، وستقوم الباخرة فى موعدها ، وإذا كان قائدك سينفذ تهديده فإني أعرف كيف أقابله بالمثل وبالوسائل التي أملكها وأحمله تبعة ما يحدث . وتحركت السفينة في المساء وطاردتها البارجة الفرنسية ترسل الإشارات بالوعيد وتأمر بالوقوف من غير جدوى حتى الصباح، واستمر في طريقه ، وعادت البارجة الفرنسية . كل هذه القوى تجمعت لمما كسته فى وزارته ، وانتهزت الفرصة لاتهامه بما يسقط منزلته . وربما كان أهم ما وجه إليه من تهم أمران : (۱) اتهمه خصومه السياسيون بأنه منح امتيازاً لشركة فرنسية بمد خط حديدي بين تونس والجزائر، وهو يعلم مطامع فرنسا ويعلم امتلاكها للجزائر، فمد هذا الخط يمكنها عند إرادتها احتلال تونس أن تغزوها من الجزائر . وفى ذلك خطر أي خطر ، وقد أطنبوا في هذه التهمة ، وأحكموا خطتهم وأرادوا أن يضربوا عصفورين بحجر ؛ فمن ناحية يسيئون سمعته عند المواطنين الوطنيين ، ومن ناحية يشوهون منزلته عند الدولة العثمانية التى تعتقد أنه رجلها ، يعمل لصالحها وصالح تونس يربط العلاقة الوثيقة بينهما