صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/193

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٧٥ –

<- 1V0- بما سمح به لإنجلترا لنشأت عن ذلك مشكلة دولية لم يكن فيها موقفه قويا ، ثم إن مد الخطوط الحديدية من مصالح الدول، ومن الخير أن تنشئها الدولة أو الأهالى وليس ذلك في الإمكان، فالحكومة فقيرة تبتلع أكثر ميزانيتها فوائد الديون ، والأهالى فقراء جهلاء أو أغنياء لا علم لهم بالشركات ، ولا قدرة لهم على إدارتها ، فلم يبق إلا منحها للشركات الأجنبية أو عدم إنشائها بتاتاً . والحق أن مركز خير الدين فيه بعض الضعف . فتعديل الشركة مطلبها واقتصارها على جزء من الطريق يُفهم منه بالبداهة أنها تريد وضع رجلها في مركز تثب منه إلى الحدود كما حدث فعلا . فالحزم كان يقتضى المنع بتاتا ، إذ من الواضح أنها جزات مطلبها على دفعتين بعد أن طلبته دفعة واحدة ، والنتيجة واحدة . وكأنه أحس بضعف حجته هذه فحاول أن يريح ضميره بعد سقوط تونس إذ قال : « على أن الفرنسيين عند غزوهم تونس أنزلوا قواتهم في طبرق و بنزرت ، واجتازوا منهما الحدوه إلى تونس ، دون أن يعتمدوا على السكة الحديدية المذكورة التي كانت في بداية إنشائها » . كما قال : إن إنشاء هذا الخط ليس هو الذي أضاع تونس، ولا عدم إنشائه كان يحميها ، لأن مركز تونس لم يكن يحميه إلا الضمير الأوربى الذى كان المحافظة على وحدة الدولة العثمانية. وما دامت أوربة سمحت لفرنسا يوجب بالانقضاض على فريسة هيئة كتونس فخط الحديد لا يقدم ولا يؤخر . وهذا ضرب من اليأس لا يصح أن يتسرب إلى نفس المصلح . ونقده بعضهم بأنه أيام وزارته الثانية جاء فرأى قوانين الشورى ملغاة ، فلم يصل على إعادتها وإصلاح ما كان قد ظهر من عيوبها ، بل حكم البلاد حكما استبداديا وإن كان عادلا ، وهو هو الذي طالما مجد الشورى في كتاباته وفي مقدمة