صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/195

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٧٧ –

- ۱۷۷ - له ويشيعون الأراجيف (۱) حوله حتى بالمتناقضات ؛ ففريق يقول إنه يريد تسليم البلاد لفرنسا بدليل مسألة السكة الحديدية ، وآخرون يقولون إنه يريد تسليم البلاد للدولة العلية وسلبها استقلالها بدليل مساعيه المختلفة في هذا الطريق . وقد نصح له بعضهم في هذا الموقف بأن يشرك معه الوزراء في تصرفاته ، وتحمل المسئوليات معه ، وأن يقسم الإدارة إلى أقسام ، ويجعل على كل قسم رئيساً يلقب بوزير يتحمل المسئولية في اختصاصه ، ولا يرجع إليه هو إلا في الأمور الهامة ، وبذلك توزّع الأعباء والمسئوليات ، ولكنه كان من الأشخاص الذين ضعفت ثقتهم بكل من حولهم ، وشك فى كل الرجال الذين ناصروا العهد الماضي ، ولم يؤمن إلا بالله ونفسه . تخشى إن هو فعل ذلك أن يتلاعب من يسند إليهم العمل فيما يتولونه ويعقدوا له من المشاكل أكثر مما يحلون ، فرفض هذا وظل قابضاً على زمام كل الأمور نجحت دسائس الدساسين فباعدوا بينه وبين الوالى ، وزاد الأمر سوءاً أن الدولة العثمانية كانت قد دخلت فى حرب مع الروسيا ، وطلب الباب العالى المعونة من الولايات ومنها تونس، فتراخى الباى عن إجابة هذا الطلب ، وتحمس خير الدين ودعا الأهالى إلى التطوع فتطوعوا ، وأرسل ما تطوعوا به إلى الباب العالى ، فازداد الباى نفوراً منه لأنه لم يكن يسره الارتباط الوثيق بين تونس والدولة العثمانية . وكان أخشى ما يخشاه الباى هياج الأهالى لمزله، لتعلقهم به وإظهار تعلقهم به في المناسبات المختلفة اعترافا منهم بجميله . فلما كثرت الإشاعات حوله انتهز الباى الفرصة وأشعره بعدم رضاه عنه ، فقدم خير الدين استقالته فقبلها الباي ، وكان ذلك سنة ١٢٩٤ ، وأمر الباى الموظفين بتجنبه حتى خاصة أصدقائه ، وقد (1) الأراجيف : الأخبار الكاذبة السيئة زعماء الإصلاح - م ١٢