صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/199

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٨١ –

- - ۱۸۱ في هذا الأتون للستعير (۱) وُضِع خير الدين ليطفئ النار ، وأى قدرة تستطيع إطفاءها من غير حرائق ؟ . لقد كانت سياسته و إنقاذ ما يمكن إنقاذه . فبذل كل ما يستطيع من رأى وجهد حتى كان الاتفاق مع روسيا ، ووضعت ضمانات تكفل مصالح المسلمين في بلغاريا ورومللى الشرقى ، وخفضت التعويضات الحربية تخفيضاً كبيراً ، وانسحبت الجيوش الروسية إلى بلغاريا ورومللى ، كما انسحب الأسطول البريطاني من بحر مرمرة ، وسوى الخلاف بين تركيا والنمسا بما حفظ لتركيا كثيراً من حقوقها . وحلت مشكلة الأرمن التي استعصت على الحل نحو عشر سنوات إلخ الخ ، و بسياسته حقاً أنقذ ما يمكن إنقاذه. وفى أيام وزارته هذه كانت مشكلة مصر الكبرى في آخر عهد الخديو إسماعيل ، فإنه لما اضطربت الحالة المالية والسياسية في مصر عزمت إنجلترا وفرنسا على التدخل فى شئونها تدخلا آخر جديداً ؛ فأرسلنا إلى قنصليهما في مصر ليطلبا من الخديو إسماعيل نزوله عن العرش لأكبر أبنائه «توفيق» فأبى إسماعيل محتجاً بأن ذلك من حق الباب العالى وحده ، مؤملا أن يرفض هذا الباب العالى مطلب الدول . وزاد الأمر سوءاً أن قنصلى ألمانيا والنمسا انضما في الرأى إلى قنصلى إنجلترا وفرنسا ، فكانت هذه مشكلة جديدة أمام خير الدين في الآستانة ، إن هو أجاب فقد سمح للدول الأوربية بالتدخل فيما ليس من حقها ، وإن هو رفض خَشِى أن تتجمع هذه الدول وتصم ، وتفعل بالقوة أكثر مما تصل إليه بالمفاوضة ، وتقطع العلاقة الباقية بين مصر والدولة العثمانية ، وتنتهز الفرصة السانحة قتلتهم إحداها مصر والأخرى تونس إلخ . حار خير الدين طويلا بين الرأيين هو ووزراؤه وسلطانه ، وأخيراً كان من رأيه أن يطأطىء الرأس قليلا أمام العاصفة ، ويشير على السلطان بخلع إسماعيل ، (1) الأتون المستعر : الموقد المشتعل .