صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/200

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٨٢ –

۱۸۲ ولكن يجب أن يعمل شيئاً آخر مع هذا ، وهو أن يتلافى الأسباب التي جرت إلى هذا التدخل الأجنبى ، فيسلب بعض الحقوق التي أعطيت الخديوى مصر، كالاستدانة وعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية ، فيتتهز هذه الفرصة لتعديل فرمان مصر. ولكن أبت إنجلترا وفرنسا ذلك ، لأن هذا يزيد في تبعية . مصر للدولة العثمانية ، ومن مصلحتهما أن تكون حقوق مصر أوسع وسلطتها أكبر للنتيجة المنتظرة . وصدر الأمر بعزل الخديو إسماعيل ، وكثر الأخذ والرد في مسألة تعديل القرمان حتى خرج خير الدين من الوزارة ، فأجابت الوزارة التي وليتها مطالب الدول في إصدار الفرمان المعتاد مع بعض التعديلات .

هو ثمانية أشهر قضاها رئيس وزارة كانت أعباؤها تساوى ثمانين عاماً . ولولا ما عهد إليه من حل المشاكل ما بقى هذه الأشهر الثمانية ، فقيه من الصفات مالا يتفق ومزاج السلطان عبد الحميد : حرّ الفكر ، واسع النظر ، متحمس في تحقيق الإصلاح، مُرهف الحس فى العدالة وما يتعلق بها ؛ يرى أنه وقد عين رئيسا للوزراء يجب أن يتحمل المسئولية ، فيصرف الأمور كما يرى وزملاؤه ليتحمل نتائج رأيه ؛ فأما أن يأمره السلطان ويتحمل هو المسئولية فليس حقاً ولا عدلا ، السلطان يريد عبداً مأموراً ، وهو يريد نفسه حرا مسئولا ؛ لهذا نفر منه السلطان كما نفر منه الباى من قبل . وتألب عليه أيضاً رجال الدين (۱) ، إذكره منهم ضيق عقلهم وتعرضهم لما ليس من شأنهم، وتدخلهم في أمور من السياسة لا يحسنونها ، وكرهوا هم منه الوقوف أمامهم وضغطه عليهم . (۱) تألبوا عليه : تجمعوا .