صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/201

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٨٣ –

- ۱۸۳ لكل هذا عُزل خير الدين بعد ثمانية أشهر في قسوة ، وما كان أقرب مأتمه من عرسه ! وأدرك عبد الحميد أن قد خابت فراسته فيه ، وظل بعد ذلك نحو عشر سنين في مقاعد النظارة . لا يمثل على المسرح شيئاً . وكل ما يرى ماس لا ملهاة فيها . ومات وهو في الآستانة في سنة ۱۸۸۹ - ۱۳۰۷ عن نحو سبعين عاماً ، ودفن في جامع أيوب ، وخلف تاريخاً فى الإصلاح حافلا ، وكفاحاً للفساد طويلا ، وذنبه أنه لم يجد مواتيا (1) من الشعب ولا مؤازراً من السلطان . لقد كان مصلحاً اجتماعيا وسياسيا من جنس مدحت باشا ، غير أن الفرق ينهما كالفرق بين السيد جمال الدين والشيخ محمد عبده ؛ فمدحت يصلح ، فإن عجز عن الإصلاح ثار ودبر الانقلاب، وخير الدين يصلح ، فإن عجز عن الإصلاح رفع يديه إلى السماء وقال : « اللهم إنى قد بلغت» . وكانت فضائله التي تكون شخصيته الجرأة فى قول الحق ، وعمله من غير خوف ، وصلابته فيما يعتقده من غير انحناء ، وحريته في تفكيره من غير جمود ، وقوة كواهله ) على حمل الأعباء من غير تبرم . فرحمه الله . (1) مواتياً : معوانا يوافقه . (۲) الكواهل : جمع كاهل ، وهو أعلى الظهر مما يلى العنق .