صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/206

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

خيامهم ، ورأوا فيه ما يسد مطالبهم الدينية ، فكان مرجعهم في الفتيا وإمامهم في الصلاة كما كان فى بلدته ( برنبال ) . فلما استقر به الحال فرغ للتفكير في تعليم على ، فأرسله إلى كتاب فى قرية قريبة من الخيام ، ولكن لم يكن يتيسر له أن يذهب كل يوم إلى الكتاب ويعود فكان يسكن مع سيدنا ويزور أباه مرة كل يوم جمعة . ولم يكن حال هذا الفقيه خيراً من حال ( أبي العشر ) وإن كان اسمه ( أبا الخضر) فكان على يجتهد في إرشائه بما يستطيع أن يحمله إليه كل أسبوع ليخفف عنه . فلما توالى عليه العنف كره الكتاب بتاتاً بعد أن كان قد حفظ القرآن . هنا حدثت الأزمة ، فعلى لا يريد الكتاب بتاتا وماذا لقى منه إلا الضرب ؟ ثم ماذا يكون مصيره لو نجح فى الكتاب ؟ أليس إلا أن يكون كأبيه إمام مسجد ومفتى قرية ؟ وهذا مطلب لا يقنعه ولا يرضيه ، وأبوه مصمم على الكتاب واصطدمت الإرادتان فقلبت إرادة على . ولكن أفهمه أبوه وإخوته أنه لا بد أن يتعلم شيئاً ما ، وكان إذ ذاك في البلاد طبقة من الكتاب الصغار يكتبون للناس فى مطالبهم وأغراضهم أو يمسحون 1 الأرض لهم. ففضل على أن يكون صبيا لأحد هؤلا، ورضى أبوه بهذا الحل ، فهو يلتحق تلميذاً لكاتب من هؤلاء ويتنقل بينهم ، ولم يكن حظه معهم خيراً من حظه في الكتاب ، فالضرب هو الضرب والبؤس هو البؤس . ومنهم من يأجره أجراً قليلا ثم يأكل عليه أجْرَه . ومنهم من يسأله : كم الواحد في الواحد ؟ فيقول : اثنان . فيرميه بأداة أمامه على رأسه فيشبه ، فهذه أيضاً حالة لا تنفع فيهرب من أمه وأبيه لضغطهما عليه فى العمل بما لا يرضيه ويهيم على وجهه متنقلا في البلاد وأبوه يلاحقه ، ويتعرض أثناء ذلك الإصابة بالكوليرا أحياناً وللسجن (۱) يمحون : يقيون .