صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/209

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٨٩ –

- ۱۸۹ - ولكنه يقع فى مشكلة عويصة ، فعقله لا يستسيغ الهندسة ولا النحو بناتا ، ويسمع للمدرس كـ كأنه يسمع تعاويذ سِخْرِيَّة لا يفقه لها معنى ، ثم تبين أن المشكلة مشكلة المعلم لا مشكلة التلميذ ، فكانت فى نفسه عُقدة منعته من فهم الهندسة ، إذ سمعهم يستون مثلنا ا ب - وآخر - د هـ ، فاختلط عليه الأمر ، ولم يدر لم سمى د ، يدريم هذا المثلث بهذا الاسم دون ذاك ، حتى رزق بمعلم حسن التدريس ، جمع التلامذة المتخلفين فى فصل ، وشرح لهم الهندسة من أولها شرحاً جليا واضحاً ، وأبان أن هذه التسمية المثلثات وسائر الأشكال ليست إلا مواضعات (1) للشرح والتفسير ، فالمثلث ا ب أو حده أو أى حروف كانت ليست إلا أسماء اصطلاحية يُسمى بها الشكل ؛ فانحلت عقدة على مبارك ، وتفوق على سائر التلاميذ فى الهندسة ، وكان أول فرقته دائما . ولم يُرزق في النحو ما رزق في الهندسة ، فظل معمى عليه ثم اختاروا من مدرسة أبي زعبل خير التلاميذ وأدخلوهم مدرسة المهندسخانة ببولاق ، فكان على مبارك أحدهم، درس فيها كل فروع الهندسة وما إليها حتى أنها . ولما اعتزم محمد على باشا إرسال بعثة إلى فرنسا اختار المتفوقين من هذه المدرسة فوقع الاختيار عليه فيمن اختير، فها هوذا في باريس بعد برنبال والقاهرة ، لا يعرف أى كلمة فى اللغة الفرنسية ، والمدرسون فرنسيون لا يعرفون كلمة عربية ، فضاق بالأمر، ولم يجد حيلة إلا أن يجمع الكتب الفرنسية الموضوعة للأطفال ويستعين بمن يعرف الفرنسية من زملائه ، ويسهر على حفظها ليلا ، حتى تمكنت منه عادة السهر الطويل والنوم القليل . وهي عادة لازمته طول حياته . وبعد ثلاثة أشهر استطاع أن يتابع الدروس تلقى باللغة الفرنسية ، (1) مواضعات : اصطلاحات