صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/21

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-10- وعدم الخوف من استنكار المنكر والأمر بالمعروف مهما تبع ذلك من عذاب . ولا قيمة للحياة إلا إذا بذلت فى رفع لواء الحق ودفع الظلم ؛ وهذا هو الفرق الوحيد بين العرب في الجاهلية والعرب فى الإسلام ، وبهذه العقيدة وحدها غزوا وفتحوا وحكموا . ثم ماذا ؟ . ثم لم يتغير شيء إلا العقيدة ، فتدنوا من سمو التوحيد إلى حضيض الشرك، فتعددت آلهتهم من حجر وشجر وأعواد خشب وقبور أولياء ، وركنوا إلى ذلك في حياتهم العامة ؛ فالزرع ينجح لرضا ولى ويخيب لغضبه ، والبقرة تحيا إذا نذرت للسيد البدوى أو مثله ، وتموت إذا لم تُنذَر ، وهكذا في الأمراض والعلل والغنى والفقر ، كلها لا ترجع إلى قوانين الله الطبيعية ، وإنما ترجع إلى غضب الأرواح ورضاها . ومثل هذه النفوس الضعيفة التي تذل للحجر والشجر والأرواح ، لا تستطيع أن تقف أمام الولاة والحكام الظالمين تأمرهم بمعروف أو تنهاهم عن منكر، فذلوا للحكام والأغنياء كما ذلوا للخشب والأحجار ، وما زال كل قرن يمر تزداد معه الآلهة عدداً وتزداد النفوس ذلة ، حتى وصلت الحال بالأمة الإسلامية إلى فقد سيادتها ، وانهيار عزتها . ولا يصلح آخر الإسلام إلا بما صلح به أوله ، فلا بد من العودة إلى الحياة الإسلامية الأولى حيث التوحيد الصحيح والعزة الحقة ، ولا بد من هدم هذه البدع والخرافات باللين إن نجح ، وبالقوة إن لم ينجح ، والله المستعان . ، لم ينظر محمد بن عبد الوهاب إلى المدنية الحديثة وموقف المسلمين منها ، ولم يتجه في إصلاحه إلى الحياة المادية كما فعل معاصره محمد على باشا، وإنما اتجه إلى العقيدة وحدها والروح وحدها . فعنده أن العقيدة والروح هما الأساس وهما القلب ، إن صلحا صلح كل شيء ، وإن فسدا فسد كل شيء ، وطبيعي أن يكون هذا هو الفرق بين رئيس الدين فى نجد ورئيس الحكم فى مصر.