صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/210

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٩٠ –

- ۱۹۰ - ويفهمها ويتفوق فيها . وتصل سمعته الحسنة إلى أولي الأمر في مصر - لقد درس سنتين في باريس الهندسة المدنية ، ودرس سنتين في « متز » الهندسة الحربية وتمرن في ذلك نحو سنة أخرى، فكانت إقامته في فرنسا نحو خمس سنين رأى فيها المدارس والجامعات ونظم التعليم وحالة البلاد الاجتماعية، وأخذ من كل ذلك على حسب استعداده ودقة نظره . ولم ينس أبداً وهو في باريس ومتز أبويه فى عرب السماعنة أو برنبال ، فقد رُتب له مائتان وخمسون قرشاً ليصرف منها على شؤونه الخاصة غير مسكنه ومأكله وتعليمه ، فنزل عن نصفها لأبويه منذ فارق القاهرة إلى أن عاد .... لقد سافر إلى فرنسا في عهد محمد على باشا وعاد في عهد عباس الأول ، وكان عهد عباس هذا عهد انكماش فى التعليم ، إذ لم يكن ترضى عن الحركة العلمية في البلاد بل كان همه بناء القصور لا فتح المدارس بل ولا الاحتفاظ بالموجود فألغى الكثير منها ، وخفض ميزانية التعليم حتى بلغت خمسة آلاف جنيه . وكان أميل إلى تعليم أولاد الأتراك دون المصريين ، فعهد إلى على مبارك في إدارة - البقية الباقية القليلة من المدارس . وكان طريقاً أن يزور يوماً أبويه فى برنبال – بعد أن عاد إليها - وكان قد مضى عليه أربعة عشر عاماً لم ير أهله ولا بلده ، إذ كانت المدرسة في مصر ثكنة عسكرية قاسية النظام، من كان فيها لا يزور ولا يزار ، فأمضى سنى الدراسة في مصر كينيه فى فرنسا ، لا يرى أهله حتى أتيحت له الفرصة ، فعرج على برنبال لايسا بزته (١) المسكرية على النمط الفرنسي ، متقلداً سيفاً . وكان وهو في الطريق يسترجع أحداث الماضى : كيف كان في الكتاب ، وكيف كان يضرب ، وكيف كان يهرب ، وكيف قسا عليه الكتبة الذين التحق بخدمتهم ، (۱) بزته : تيابه .