صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/211

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٩١ –

- ۱۹۱- وماذا تحمل من المشاق حتى وصل إلى مدرسة قصر العينى ، وكيف كانت حياته في باريس ومتز ؟ ودق الباب ليلا فأجابته أمه : من ؟ فقال : على مبارك ، فلم تصدق ونظرت إليه من خَرْق الباب ، وسألته أسئلة تتعرف منها صدقه ، حتى إذا فتحت الباب ورأنه وقعت مغشيا عليها ، ثم أفاقت وهي تهذى ، تبكي وتضحك وتزغرد . ثم يخرج من جيبه عشرة ( بنتو ) التقيم الولائم وتدعو معارفها من أهل البلد ، وكلهم مغتبط بما أنجبت برنبال من حاكم من الحكام . توالت على «على مبارك » أيام بؤس وأيام نعيم ، وكانت الحالة في مصر غير مستقرة ، وكل الموظفين وخاصة كبار هم رهن بإشارة الحاكم ورهن بما يحاك حوله من دسائس ، فيوماً يرضى فيرفع إلى السماء ويوماً يغضب فينزل إلى الحضيض ، والبيت الحاكم منشق على نفسه ، إذا تقرب أحد إلى بعضه غضب عليه بعضه الآخر ، يرضى محمد على باشا وإبرهيم باشا عن الشيخ رفاعة الطهطاوى فإذا جاء عباس غضب عليه وأخرجه من إدارة مدرسة الألسن وعينه ناظراً لمدرسة ابتدائية تنشأ فى الخرطوم ، ويرضى عباس الأول عن على مبارك ويقربه إليه ، و يعهد إليه فى تنفيذ أمور كثيرة ، فإذا جاء سعيد باشا غضب على على مبارك وأعاد الشيخ رفاعة الطهطاوى وقربه إليه . ولما غضب سعيد باشا على ( على مبارك » ألحقه بالفرقة الحربية التي سافرت لمساعدة الدولة العثمانية فى حربها مع روسيا ، فأقام ببلاد تركيا ) الآستانة والأناضول ( نحو سنتين لقى فيهما عناء كبيراً وشقاء جما فاحتمله في صبر وثبات ، ومع هذا فقد استطاع في هذه المدة أن يتعلم اللغة التركية ويجيدها . وعاد إلى مصر يوظف حيناً وبطرد حيناً ، فإذا طرد فكر في الأعمال الحرة ، فاشتغل تاجراً أحياناً ، يشترى من المزاد » بعض السلع المدرسية التي تبيعها الحكومة بعد أن قللت من مدارسها ويبيعها برمح يكفل له رزقه ، و يشتغل أحياناً مهندساً حرا ،