صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/213

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٩٣ –

التلامذة ولا يمضى يوم إلا وأدخل عند كل فرقة وأتفقد أحوالها ، مع التشديد على الضباط والخدمة حتى الفراشين في القيام بما عليهم ، فامتنع بذلك عن التلامذة مضار عمومية ومفاسد كثيرة ؛ ولم أكتف بذلك، بل رتبت على نفسى دروسا كنت ألفيها على التلامذة ... وكان ما يحصل للتلامذة ومعلميهم من المكافآت والثناء والتشويق والترغيب داعياً لهم لزيادة الجد والاجتهاد ، وجرت بين المعلمين المودة والألفة ، وتربَّت الأطفال على الأخوة ، وغُرس فيهم حب التقدم وشرف النفس والعفة ؛ واكتفيت فى تأديب من فرط منهم بالنصيحة واللوم ، وانقطع الشتم والسفه ، وكاد يمتنع الضرب والسجن ، وبالجملة كانت أغراضى فيهم أبوية ، أنظر للجميع من معلم ومتعلم نظر الأب لأولاده . وإلى الآن أعتقد أن ذلك واجب على كل راع في رعيته ، حتى يحصل الغرض من التربية . وقد تحقق لى نتيجة ما صرف من الهمة فى تربيتهم والشفقة عليهم ، حتى إنه لما تولى سعيد باشا ودعيت للسفر مع العساكر لمحاربة المسكوف مع الدولة العلية خرج جميع كبيرهم وصغيرهم من المدرسة قهراً عن ضباطهم لوداعي، وجعلوا يبكون وينتحبون انتحاب الولد على والده ، حتى بكت عينى لبكائهم ، ولكن انشرح صدرى لمشاهدة تمرات غرسي ، وآثار تربیتی، محمدت الله » .

التلامذة كان التعليم المدنى الذى أنشأه محمد على في مصر تعليما أساسه الجيش : فالمدارس الحربية لتخريجه ، ومدرسة الطب لتطبيبه ، والهندسة لتصميماته ، والمدارس الصناعية لإمداده ، والبعثات لسد حاجاته ؛ فإن جاءت من كل ذلك فائدة لغير الجيش ، فبالتبع لا بالقصد ، حتى إن المدارس كانت ثكنات عسكرية في نظامها وما كلها وملبسها ، ورتب المعلمين والنظار والمديرين رتب عسكرية ، فملازم وصاغ وأمير الاى وميرمران إلخ ؛ حتى الطلبة في البعثة في باريس لهم بيت يقيمون زعماء الإصلاح م - ١٣