صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/219

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٩٩ –

- ۱۹۹ - الطلبة ويقع فيها الأساتذة وتأخَّرَ الشرق وأسباب تأخره وتقدم الغرب وأسباب تقدمه إلى غير ذلك . حدثني عبد العزيز باشا فهمي ، قال : كنت يوماً في بيت على باشا مبارك ، والناس تموج في بيته ، والحجر مزدحمة بالزوار ، وعلى باشا يتصدر حجرة منها ، فحضر مصطفى باشا رياض وكان ناظر النظار إذ ذاك ، فأخذ يخوض فى الناس حتى وصل إلى على باشا مبارك فقال له : « ما هذا ياباشا ؟ » فقال له : « يا دولة الرئيس إنا في بلد يهاب الناس فيه أن مخاطبوا معاون إدارة أو مأمور مركز أو أى موظف حكومى ، فإذا نحن جرأناهم علينا وخاطبناهم وخاطبونا ، أمكنهم أن يخاطبوا الموظفين في غير هيبة ، وتعودوا أن يطالبوا بحقوقهم ، وقالوا : إنا نجالس الناظر ( الوزير ) ونخاطبه ، فلم لا نخاطب من هو هو أقل . منه منزلة ؟ ) .

لم تكن خطط على باشا مبارك في التعليم هي المثل الأعلى ، ولا كانت خالية من العيوب ، ولكنها كانت خطوة مباركة صالحة لأن ترقى مع الزمان ، ويصلح ما ظهر فيها عند التنفيذ من أخطاء ، كما حدث ذلك فعلا في وزارة رياض باشا من بعد ، ولكن ساءت الحال فى مصر بتدخل الأجنبي بدعوى حماية الدين ، كما أسلفنا في ترجمة جمال الدين الأفغانى . وجاءت الثورة العرابية وأعقبها الاحتلال الإنجليزى فقبض الإنجليز على التعليم ، وصبغوه الصبغة التي يريدونها . لم يشترك على باشا مبارك فى الثورة العرابية ، إذ كان مزاجه ليس مزاجا نوريا بحكم منشئه و تربيته - عکس مزاج الشيخ جمال الدين ، الثورى العنيف وكان مبدؤه الطاعة التامة لولى الأمر ، مهما كان . أطاع عباساً الأول وسعيداً وإسماعيل وتوفيقاً ، وخدمهم فى إخلاص ؛ ولعله – كبعض المصلحين - يرى أن إصلاح التعليم خير أنواع الإصلاح، بل هو خير من الإصلاح السياسي ، ويرى