صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/222

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٠٢ –

عبد الله نديم ( ١٢٦١ - ١٣١٣ هـ = ١٨٤٥ - ١٨٩٦ م ) إن كان يستحق الإعجاب من نبغ - والظروف له مواتية - من أسرة عريقة في المجد أو الغنى أو الجاه ونحو ذلك مما ييسر للأبناء أن يتعلموا ، ثم يشقوا لهم طريق الحياة وطريق المجد، فأولى بالإعجاب من ينبع والظروف له معاكسة، لا حسب ولا نسب، ولا غنى ولا جاه ؛ بل ولا القوت الضروري الذي يمكن الفتى من أن يجد له وقت فراغ يثقف فيه نفسه . قد يدعو إلى شيء من الإعجاب منظر شجرة يانعة ضخمة مثمرة ، تعهدها بستانيها بكل ما يصلحها ، من وضع فى المكان المناسب ، والغذاء الكافي، والرى المتوافر في أوقاته ؛ ولكن أدعى إلى الإعجاب بذرة طُرحت حيثما انفق ، فمدت جذورها بنفسها تجد فى حصولها على غذائها ؛ فقد تجده وقد لا تجده ؛ وتما كسها الطبيعة فتكافها وتتغلب عليها ، ثم هي آخر الأمر تكون أبتع ما كانت شجرة وأضخمها وأوفرها إثماراً . كذلك كان من النوع الثاني عبد الله نديم » ، كل الدلائل تدل على أنه سيكون نجاراً أو خبازاً ، ولو تنبأ له متنى متفائل لقال إنه سيكون تجاراً ماهراً ناجحاً ؛ فأما أديب يملأ الدنيا ويقود الرأى العالم ويُحسب حسابه فى كل ما يخطه قلمه أو تنطق به شفتاه ، فلا يدور بخلد أحد حتى فاتح الرمل والضارب بالحصى . هذا أبوه أصله من الشرقية ورحل منها إلى الإسكندرية وعمل فيها نجاراً للسفن بدار الصناعة ( الترسانة ) ، ثم لم يعجبه هذا العمل ، فاتخذ مخبزاً صغيراً