صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/225

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٠٣ –

۲۰۳ - يصنع فيه الخيز ويبيعه، ويحصل من ذلك على الكفاف (۱) من العيش فما بالك بأسرة من هذا القبيل ، مسكن متواضع ، وخبز إن توافر فإدام " (۲) غير متوافر ، وملبس لا يراعى فيه إلا أن يستر الجسم ولا يلفت النظر ، وصحة ترك البت فيها للقضاء والقدر . ولكن « عم مصباح » والد عبد الله رجل جاد فى عمله ، قَنُوع بكسبه ، مستقيم - بالضرورة - فى حياته ، من بيته إلى مخبزه إلى مسجده . أرسل ابنه إلى الكتاب على باب حارته كما يفعل الناس من مثل طبقته ، يرسلون أولادهم إلى الكتاب زمناً ما ، فإذا اشتد متهم (٢) وقوى جسمهم أخذوهم إلى دكاكينهم في مثل صناعتهم التي تتوارث كما يتوارث المال . (۳) ولكن عبد الله تفوق فى الكتاب ، وظهرت عليه ملامح الذكاء، فأراد أن يستمر في تعلمه ولم يمانعه أبوه . وكانت الطريقة المعبدة ) لذلك أن يرسل الوالد ابنه إلى الأزهر ، ولكن أين مال الأسرة الذي يحتمل ذلك ؟ ! على أنه في الإسكندرية - قريباً من يتهم - مسجد هو صورة مصفرة من الأزهر ، يدرس فيه المشايخ ما يدرس في الأزهر وعلى نمطه ، وذلك هو مسجد الشيخ إبرهيم باشا . فدرس فيه عبد الله نديم ما شاء الله أن يدرس ، ولكنه كان تلميذاً خائباً في هذه الدراسة لا يصبر على جفافها ، ولا يقدر على حل ألغازها ، ولا يتحمل العناء في تفهم كتب نحوها وفقهها ، فكان لا يواظب على درسه ولا يبدى به اهتماماً وحبب إليه نوع من الدراسة غير منظم ، يوافق مزاجه ، ويناسب استعداده، (1) الكفاف : مقدار الحاجة . (۲) الإدام : ما يصبغ به الخبر من ضروب المآكل (۳) المتن : الظهر . (٤) المعبدة : الميسرة المذللة .