صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/227

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٠٥ –

الأغصان ، ودبيب النمال ، وحلاوة البسمات ، وأدق مجالى الجمال والقبح ، ثم تعرف كيف تستخدم ذلك في فنها متى آن أوانه ولكن : مرحى (۱) بذلك كله ، تباً للحياة المادية . هل يكسب من ذلك د عبد الله نديم » قرشاً ، وهل يستطيع « عم مصباح » أن يحتمل هذا المذر طويلا ؟ لقد احتمل الإنفاق عليه فى الكتاب ، لأنه طفل والكتاب خير من البيت واحتمله يدرس فى «جامع الشيخ » لأنه كان يرجو في ابنه أن يكون شيخاً معلماً وعالماً مفخماً ، يتقرب إلى الله بتقبيل يده والتمشح بثوبه . فأما هذا اللغو الفارغ الذي يسمى شعراً ونثراً فهو عبادة الشيطان لا عبادة الله ، ولست أتقرب إلى الله بالإنفاق على عبدة الشياطين . لقد نفض أبوه يده منه ، فأخذ عبد الله نديم يبحث عن وجه للكسب ، فاتجه اتجاهاً غريباً ، هو أن يتعلم فن الإشارات التلغرافية ثم يتكتب منه ، وكذلك كان ، فتعلمه واستخدم بمكتب التلغراف بينها . ثم نقل إلى مكتب القصر العالى حيث تسكن والدة الخديو إسماعيل، وقد كان قصراً من أفخم القصور ، يقع على النيل فيما يسمى الآن « جاردن سيتى » خدم وحَشَم وموسيقى وطرب ، وما شئت من ألوان النعيم والترف ؛ وقد تعلم منه عبدالله نديم كيف يعيش الأمراء والسادة، كما تعلم في بيته وحارته في الإسكندرية كيف يعيش الفقراء والعبيد . وعاد إليه في القاهرة شوقه إلى الأدب ومجالس الأدباء ، وكان حظ القاهرة في ذلك أوفى ؛ ففيها - مثلا - مجلس محمود سامى البارودى ، وكان مجلساً عامراً يستمر فيه السمر اللذيذ : فأدب قديم يعرض ، وأدب حديث يُنشد ، وعرض اللمعنى الواحد صيغ صياغات مختلفة ، ونقد قيم لهذا ولذاك ، يتخلله نوادر فكية، (۱) مرجی

كلمة إنجاب بمن أصاب المرمى .