صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/233

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢١١ –

ظريفة ، وقوانين الظرف تبيح من البحيحة في مجالسه مالا تبيحه مجالس الجد والوقار . أخيراً عاد إلى مسقط رأسه بالإسكندرية سنة ١٨٧٩ م في نحو الخامسة والثلاثين ، وهو أكثر خبرة بالدنيا فيا لقى من عظماء ووجهاء وأدباء ، وفيما رأى وسمع وعمل فى القصر العالى أيام كان موظفاً في تلغرافه ، وفى التجارة أيام تاجر وأفلس ، و بأخلاق الفلاحين أيام كان يعلم أولاد أحدٍ « محمدهم » ؛ ولكنه دخلها (۱).. كما خرج منها صفر ) اليدين . عاد فرأى في الإسكندرية منظراً جديداً لم يكن أيام كان بها ، كانت المجالس الأدبية يوم فارقها تتحدث في عزل أبي نواس ، ووصف البحتري ، وهجاء ابن الرومى ، ومديح الشعراء في إسماعيل ، وفكاهات الشيخ على الليثى ؛ فإذا انتقلوا من ذلك فإلى من عارض شعر هؤلاء من المحدثين ، وما أنشأه الناشئون من سمار المجلس فى مثل هذه الأغراض ؛ ولما عاد إليها وجد المجالس تتحدث فى حالة البلاد ووقوعها في أمر الدين ، وفى الدول وتدخلها ، ورأى جمعية سرية تسمى ( مصر الفتاة ، يجتمع هذا كله فى صراحة وحماسة ؛ والأدب يتحوّل فيأخذ شكل الكلام في الأمة ومصالحها ، وآلامها وآمالها ، ويحتل ذلك مكان غَزَل أبي نواس ، وشعر صريع الغوانى ؛ والنفوس بفضل تعاليم ( جمال الدين الأفغاني » وصحبه ثائرة تتطلع إلى نوع من الأدب غير الذى كان ، وتجد غذاءها في الصحف السياسية والمقالات النقدية ، فيشتغل في الصحافة من هذا النوع « أديب إسحق» و «سليم D أعضاؤها فينقدون نقاش ، في جريدتيهما « مصر » و « التجارة » ، ويمدهما جمال الدين وتلاميذه بمقالاتهم وإرشاداتهم . (۱) الصفر : الحالي .