صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/240

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢١٨ –

- ۲۱۸ - ثم هو قد فَطَنَ لشيء جليل القدر ، وهو أن التعليم والنقد من طريق القصص أجذب للنفس وأفعل فى النقد ، فأكثر منه بل كاد يلتزمه . لذلك كله نجح فى صحيفته ، ووصل نداؤها إلى أكبر عدد ممكن ، فمن كان قارناً قرأ ، ومن لم يكن قارئاً سمع ففهم . ولم يكتف بذلك، بل نراه في عدد تال يلتفت التفاتة لها خطرها في الإصلاح السياسي والاجتماعى، وهى أن من أهم أسباب غفلة الشرق ضعف الخطابة ، واقتصارها - تقريباً - على خُطب المساجد ، وهى خُطب لا تمس الحياة الواقعة بحال من الأحوال ، وإنما هى عبارات دينية محفوظة ، ومعان متكررة مألوفة ، لا تحرك قلباً ولا تضىء حياة . فكتب مقالا قوياً في قيمة الخطابة وأثرها في تاريخ الإسلام ، ودعا إلى أن يحضّر خطب المساجد أعرف الناس بشؤون الحياة ، وأقدرهم على التأثير ، وأن تشرح هذه الخطب الموقف الحاضر فى وضوح، وتبين الأخطار المحيطة بالأمة في جلاء ، وأن يتبرع القادرون بقدر من المال يخصص لهذا الغرض ، ويتفقوا مع ديوان الأوقاف ليسمح بإلقاء هذه الخطب في المساجد ، ثم تطبع وتنشر في أنحاء البلاد، ليصل صداها إلى كل قرية وبلدة ؛ وأعلن استعداده للاشتراك في إعدادها ؛ ووضع خطبة نموذجية توضح غرضه ، تتضمن المحافظة على حقوق البلاد، والنهي عن الظلم والبغى ، والدعوة إلى الائتلاف لمواجهة الأخطار التي تظهر دلائلها فى الأفق، والاتحاد مع المواطنين من غير نظر إلى اختلاف الدين، والتذكير يمجد مصر السابق، والالتفاف حول الخليفة والخديو، والتحذير من تمكين الأجنبي من وضع يده على سياسة البلاد، والتحرز من إتيان عمل يتخذه وسيلة لتدخله، ومعاملة النزلاء الأجانب بالحسنى، من حفظ حقوق تجارتهم ، وعدم الإساءة إليهم. هذه هي المعانى التى رأى أن الحاجة ماسة إليها في ذلك الوقت ) في أول