صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/241

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢١٩ –

۲۱۹ - حكم الخديو توفيق قبيل الثورة العرابية ) ، صاغها صياغة دينية تناسب صلاة الجمعة، فبدأها بالحمد لله ، والثناء على رسوله ، وختمها بالحديث الشريف : المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضه بعضاً ) . - وقد حقق ( الرديو » أخيراً فكرة عبد الله نديم في إذاعة الخطبة شكلا ، ولكن لما تتحقق فكرته موضوعاً . وانتهت هذه الصحيفة على هذا الوضع . -- لم يكن فى مصر إلى أواخر عهد الخديو إسماعيل رأى عام يشعر بظلم ، وإن شعر فلا ينطق ، لأن عنف الاستبداد أزمانا طويلة أمات الشعور وأخرس الألسن ؛ حتى تدخلت الدول الأجنبية فى شؤون مصر المالية ، فبدأ الشعور يتنبه ، وغذاه الخديو إسماعيل نفسه وجزاه ، لإحساسه بثقل التدخل وخشيته من عاقبته ؛ فأول معارضة من مجلس شورى النواب للحكومة كانت بإيماز منه ، ولولا ذلك لم يجرؤ ، ومظاهرة الضباط ومهاجمتهم لنظارة المالية لتأخير رواتبهم كانت بتدبيره ليتخلص من وزارة نوبار التي تُمالى (۱) الأجانب في هذا التدخل ؛ واجتماع أعيان البلاد في دار السيد البكرى ، ووضعهم اللائحة الوطنية – التي تعهدوا فيها بوقاء ديون أوربة وضمانها وعدم تدخل ممثليها فى شؤون البلاد - كانت فكرة بنها الخديو في أذهانهم ؛ وكان هذا أول ما أشعر الناس بقوتهم وحاجة الحاكم إليهم ، ونبه الرأى العام إلى أنه يستطيع أن يقف الظلم ويطالب بالحقوق ، وأن من حقه مراقبة الولاة والحكام ورفع صوته بنقدهم ؛ وهذا الشعور إذا وجد في أمة كان لا بد له من قادة يشعرون شعور الناس، ويصوغونه صياغة قوية يلهبون بها شعور من شعر ، وينبهون بها من لم يشعر ، فكان ذلك في السيد جمال الدين (۱) تعالى : تناصر .