صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/243

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٢١ –

- ۲۲۱ - الأفراد ؛ وحول رياض جماعة ترى أن الحكم الشورى لا يصلح إلا إذا نضجت الأمة وعرفت شؤونها ومجارى السياسة حق معرفتها ، ورزقت من الشجاعة في القول والجد فى العمل قدراً صالحاً ، وإلا كان الحكم الشورى نقمة . والأمة لم تبلغ هذا الحد . وكان الجدال والنزاع يدور على الفكرتين في الصحف والمجالس ، وعلى كل حال فقد كان هذا درساً لتنوير الرأى العام في السياسة ، وتفتيح الأذهان للنظر في المسائل العامة. وكانت شخصية رياض شخصية معقدة - ذكي ، خبير بالإدارة ، قوى العزيمة ، صبور على العمل، معتد بنفسه، لا يرى بجانب رأيه رأياً ، إذا وثق بشخص لم يسمع فيه قول قائل ، وإذا أساء الظن بإنسان فإلى النهاية ؛ نزيه ، يحب الخير لمصر، ولكن حسبما يرى هو وبالطريقة التي يراها ، قليل الثقة بالمصريين ممثل عقيدة بأنهم مملوء ون عيوباً، كبير التعظيم للأجانب، معتقد بقوتهم ، يرى أنه لا يستطيع الحكم إلا بالاعتماد عليهم أو على أقواهم ، لا يرى بأساً من إغضاب الخديو وإغضاب الأمة في سبيل إرضائهم ، ومع ذلك يبذل أقصى جهده فى أن ينال منهم أقصى ما يستطيع خير أمته - شديد الحب للحكم لا يعتزله إلا مكرها . فكانت أخلاقه هذه من عوامل التمهيد للثورة العرابية . ألغى الشخرة العامة ، كإقامة الجسور على النيل ، وحفر الترع من غير أجر، والسخرة الخاصة ، كعمل الفلاحين فى أرض سيدهم من غير مقابل ؛ ونفذ ذلك في غير هوادة ، فأغضب بذلك الأعيان ؛ وأعطى السلطة العامة للمديرين ، فأساء وا الشيرة ، وضيق على الصحف، وعطّل بعضها ، فعمل أصحابها سرا بعد أن كانوا يعملون جهراً ، وسافر بعضهم إلى أوربة يصدر الجرائد في الطعن عليه ؛ وعارض الحديو في أن يمنح الرتب والنياشين لمن يراهم أهلا ، كما عارضه في كثير من رغباته