صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/244

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٢٢ –

فغضب الخديو عليه ، وعاقب «رياض » المدير الذي سخر الأهالي في حفر ترعة خاصة بالخديو . وتصرف ناظر الحربية في وزارته تصرفات أغضبت رجال الجيش المصريين، فطلب عرابى وأصحابه تشكيل مجلس عسكرى لتحقيق الشكايات فمال رياض إلى إجابة مطلبهم ، ولكن أشيع عنه أنه هو الذي يمانع في ذلك ، فغضبوا عليه - كل ذلك وهو لا يريد أن يتخلى عن الحكم. تبلبلت الأفكار واضطربت ، وكلها تتفق في وجوب تغيير الحال ، وإن اختلفت أسباب غضب كل طائفة ، فالأعيان يحبون رجوع سلطتهم في تسخير الناس ، والضباط المصريون يريدون العدل بينهم و بين الشراكة ؛ وبعض ذوى الرأى يرون أن هذا كله تأييد لوجهة نظرهم في أنه لا يُصلح الأمور إلا نظام الشورى ؛ والخديو ناقم على رياض الخشونته ؛ و بعض الأجانب لا يسرهم ما قام به ریاض من ضبط الأمور المالية . كل هذا هيأ للثورة العرابية . وتطورت مطالب العرابيين من عدل بين الضباط ، إلى تغيير شكل الحكومة من نظام استبدادى إلى نظام شُورى ، إلى التهييج على الخديو توفيق ، إلى المناداة بعزله لالتجائه إلى الدول الحمايته ، إلى الدعوة للجهاد في سبيل صد المغيرين . واتسمت الحركة ، من حركة محصورة فى الجند والضباط، إلى حركة وطنية واسعة تشمل العلماء والأعيان والتجار والزراع وغيرهم ؛ واندس وسط الحركة من يعمل الصالح أمير ليحل محل الخديو توفيق، فجماعة تعمل لصالح الأمير حليم بن محمد على، ومن هؤلاء صاحب جريدة « أبو نضارة ) ، ومنهم من يعمل لحساب الخديو إسماعيل لإعادته ، ومن هؤلاء راتب باشا السردار ، وهكذا . في هذا الجو الذى صوّرناه صورةً صغيرة جدا عمل عبد الله نديم ، واحتضنه العرابيون ، فكان خطيب الثورة وكاتبها ومشعلها . اتخذ جريدة «الطائف» بدل التنكيت والتبكيت » ، ونقل مكانها