صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/245

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٢٣ –

- ۲۲۳ - من الإسكندرية إلى القاهرة ، وبدأها عنيفة قوية ؛ تنقد تصرفات الخديو إسماعيل في جرأة بالغة ، وتشرح بؤس الفلاحين فى الشخرة والعذاب المهين الذى يلقونه من الرؤساء ، وما شاهده بنفسه من أحداث ، وكيف يخرّ الناس قتلى من الجوع والبؤس، والإعياء والضرب ، وكل رئيس يريد أن ينال حظوة من فوقه بالمغالاة في التعذيب. وكان عبد الله نديم فى هذه الصحيفة يعبر عن آراء النواب في ضرورة الإصلاح عن طريق الحكم النيابي . وقد كتب سلطان باشا رئيس النواب إلى إدارة المطبوعات أن تعتبر جريدة «الطائف» لسان النواب المعبر عن أفكارهم، فاعترفت الإدارة بذلك ، ونشر هذا رسميا بأمر نظارة الداخلية ؛ ولكن لما رأت إدارة المطبوعات عنفه وتهييجه عطلته شهراً أصبح «الطائف» فى الثورة العرابية لسان الدعاية لها ، يذم من عاداها ، ويشجع من والاها ، ويلقب « عرابى » بحامي حمى الديار المصرية ؛ ويتطور بتطورها فينقد الأوربيين وتصرفاتهم ؛ وينقد الخديو توفيق لارتمائه في أحضانهم، في أسلوب لاذع وتهكم ساخر ، فإذا كانت الحرب نقل جريدة ( الطائف ) إلى المعسكر يحرض الجنود على القتال، ويحرض الشعب على تقديم المؤونة ، وينشر خبر التبرعات ، وكلما اشتد الأمر اشتد فى تهييجه . وقد قلت صفحاتها الاشتداد الظروف : من أربع إلى اثنتين إلى واحدة ؛ وهو يهرج في أخبار الحرب فيقلب أخبار هزيمة المصريين إلى أخبار انتصار ، وانتصار الإنجليز إلى أخبار هزيمة ؛ وظل كذلك حتى تمت الهزيمة ، وتم التسليم هذا عمله في الصحافة ، وإلى جانب ذلك كان عمله فى الخطابة . فقد طاف في كل مجتمع يخطب ، وأعطى من ذلاقة اللسان ما يستدعى العجب ، فما هو إلا أن يحرك لسانه حتى يتدفق وتنهال عليه المعاني والألفاظ