صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/25

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

وكلما دخلوا بلدة أزالوا البدع وأقاموا تعاليمهم ، حتى هددت الحركة كل جزيرة العرب . ولما مات الأمير ومات الشيخ تعاقد أبناء الأمير وأبناء الشيخ على أن يسيروا سيرة أبويهم في نصرة الدعوة متكانفين ، وظلوا يعملون حتى غلبوا على مكة والمدينة . وشعرت الدولة العثمانية بالخطر يهددها بخروج الحجاز من يدها ، وهو موطن الحرمين الشريفين اللذين يجعلان لها مركزاً إسلامياً ممتازاً ، تفقد الكثير منه إذا فقدتهما . فأرسل السلطان محمود إلى محمد على باشا فى مصر أن يسير جيوشه المقاتلة الأقطار الوهابيين ؛ وكما أرسلت الجيوش المقاتلتهم أرسلت الدعاية من جميع الإسلامية للنيل من هذه الدعوة وتكفير مبتدعيها . وحمل علماء المسلمين عليها حملات منكرة ، وألفت الكتب الكثيرة في التخويف منها والتشنيع عليها . وهكذا حدثت الحرب بالسيف والحرب بالكلام ، كل هذا خدم الدعوة الوهابية بلفت الأنظار إليها ، ودورانها على كل لسان . وزاد في شأنها أن الوهابيين انتصروا على حملة محمد على باشا الأولى بقيادة الأمير طوسون . ثم أحد محمد على باشا العدة القوية الكبيرة ، وسار بنفسه وحار بهم بخير سلاحه ، فانتصر عليهم ، وأتم النصر ابنه إبرهيم باشا ، وانهزمت قوة الوهابيين . ولكن بقيت الدعوة إلى أن هى لها فى العهد الحاضر المملكة السعودية الحاضرة فى تاريخ طويل لا يعنينا هنا ، وإنما يهمنا الدعوة وما تم لها . إن الدعاية التي أحكمت ضدها ، وتعلق الناس بالدولة العثمانية ، وميلهم الشديد أن نظل بلادها وحدة لا ينفصل عنها جزء، جعلت عامة المسلمين في أقطار العالم الإسلامي يفرحون بهزيمة الوهابية ، ولو لم يفهموا جوهر دعوتها . وشيء آخر كان كبير الأثر فى تنفير عامة المسلمين من هذه الحركة ، وهو أنها