صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/251

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٢٩ –

- ۲۲۹ - الدعوى أيضاً ، فأطيلها فى مكان عند دعوى المشيخة ؛ وأقصرها في آخر عند دعوى السياحة - مثلا - وأبيضها في بلد ، وأحمرها في قرية ، وأسودها في عزبة ) . فأحياناً كان اسمه الشيخ يوسف المدني، وأحياناً الشيخ محمد الفيومي ، وأحياناً سى الحاج على المغربى ، وهكذا . وأحياناً كان يجتمع بمن يعرفهم فيثير ، لأن المقدرة مقدرة ( النديم » ، ولكن يختلاف في الشكل والصوت واللهجة ، فيقولون : سبحان الله جل من مجهم لا شبيه له . وساعد على نجاحه فى هذا الاستخفاء أمور ، منها : مهارته في حيله ، وإتقانه لما يدعى ؛ فإذا ادعى أنه مغربي تكلم بلسان مغربي محكم ، أو مدني فكذلك . ادعى مرة - وهو فى القرشية - أنه عالم يمنى ، وذاعت شهرته في العلم والأدب حتى بلغت القاهرة ، فأرسل إليه رياض باشا « سعد زغلول » ليسأله مثل ورد ذكره فى بعض الجرائد ولم يفهم معناه ، فقابله على أنه عالم بمنى وفسره له (۱) عن معنى وكان من مهارته فى استخفائه أنه رأى جد الحكومة في طلبه ، فاستعان برجل من الفرنسيين يعرفه ويثق به ، فأشاع عنه أن النديم هرب إلى « ليفورنو » في إيطاليا ، ونقلت هذا الخبر جريدة «الأهرام» ، وصدق الناس ذلك ، وعنفت الحكومة رجال الضبط على إهمالهم حتى تمكن من الخروج ، فحق عنه الطلب، ولم يكن كل ذلك إلا خُدعة . وكتب صاحب جريدة «المحروسة» مرة بعد استخفائه بسنتين : إنه « قد تعددت الأقوال فى مقرّ عبد الله النديم ، فمن قائل إنه التجأ إلى البلاد الإيطالية ، ومن قائل إنه فر إلى طرابلس الغرب ، ومن زاعم أنه أتى (1) هذا المثل هو ( بعلة الوَرَشان يأكل رُطَبَ المشان » والورشان : طائر يشبه الحمام ؛ والمشان : نوع من أجود التمر ، وأصله أن جماعة عهدوا إلى خادم لهم أن يحفظ تمرهم ، فكان يأكل رطبه ويزعم أن الورشان أكله ، فقيل المثل . وهو يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر