صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/256

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٣٤ –

من شرب القهوة والدخان كما يشاء ، وأمده بالمال من عنده . وكان هم التحقيق متجهاً إلى معرفة من آواه ؛ وهل كانوا يعرفونه أو لا يعرفونه ؟ ولكنه أنكر كل الإنكار أن يكون أحد ممن آواه يعرف حقيقته . ثم صدر أمر الخديو توفيق بالعفو عنه وإبعاده عن مصر إلى أى جهة شاء . فاختار يافا ونزل بها ، فأكرمه أهلها، واتخذ بها داراً جعلها منتدى للأدباء والعلماء ، وطوف في فلسطين يشاهد آثارها ، ويحج إلى مزاراتها ، ويجتلى حسن طبيعتها . والإسكندرية ، ثم مات توفيق وتولى عباس ، فيفا عنه ، وسمح له بالعودة إلى مصر سنة ١٨٩٢ فعاد وفكر طويلا فيما يفعل وأين يتجه ، وتردد بين مصر وأخيراً عين اتجاهه، وقرر أن ينشىء بالقاهرة مجلة « الأستاذ » ، فكان صفحة جديدة في باب جهاده . -0- كانت الظروف التي تولى فيها الخديو عباس ظروفاً دقيقة ، شاب ناشىء في الثامنة عشرة من عمره ، دُعى من ( فينا ) حيث يتعلم ليتولى الحكم في مصر ، ومصر قد انتهت ثورتها العرابية واطمأن الإنجليز إلى احتلالها ، ووضعوا أسس نظامها ، وتمكنوا من وضع أيديهم على كل شأن من شؤونها ؛ وعباس الشاب لفن آراء الاستقلال والشعور بالوطنية والعزم على العمل لتسترد مصر. ما فقدت ؛ وهو يعيب على جده إسماعيل إسرافه ، ويعيب على أبيه توفيق استلامه ، وعلى رجال المعِيَّةِ ضعفهم ، وشباب الأمة يبلغه هذا الشعور فيجاوبه ، فيتوجه الخديو لصلاة الجمعة في المسجد الحسينى فيقابله الشعب في حماسة ، ويتقدم الطلبة وغيرهم من المحتشدين بالسكة الجديدة - نحو العربة الخديوية ويُقصون جيادها ويجرونها بأنفسهم» ، ويغير الخديو رجال المعية بغيرهم ممن هم أقرب إلى نفسه ومبادئه