صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/257

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٣٥ –

وفي ذلك الوقت كانت فرنسا تشعر بخطئها فى سياستها الماضية التي آلت إلى ضعف نفوذها فى مصر ، فأخذت تبحث عن طريقة لاسترداد بعض ما فقدت فرأت أن يكون من هذه السبل الالتفاف حول « عباس » وتركيا كذلك تأسف هذا الأسف ، وتتجه هذا الاتجاه - وكل هؤلاء وهؤلاء يطالبون بالوفاء بوعد إنجلترا بالجلاء عند صلاح الأمور .. والحكومة الإنجليزية تلوح في البرلمان الإنجليزي من طرف خفى بالنصح العباس أن يتبع سياسة والده فى مسالمة الإنجليز والتحالف معهم . وأخذ الخديو عباس يتصل بالشعب ويوسع نفوذه من طريق الرحلات في المديريات ، ومقابلة الأعيان والعلماء ، وزيارة المعاهد والمدارس ؛ كما أخذ يميل إلى مباشرة الأعمال بنفسه بالاتصال بالمديرين، وتكليفه المختصين كتابة التقارير عن نظم التعليم والجيش ونحو ذلك ؛ فبدا شيء من الجفاء بينه وبين اللورد كروم ، وتسرب ذلك إلى الشعب . عند ذلك بدأت تظهر فى البلد تيارات مختلفة ، وبدأت توضع بذور الأحزاب المختلفة ، وبدأت تتجلى بوضوح اتجاهات الصحف المختلفة . هذه تؤيد الحركة الوطنية وتناصر الميول الخديوية ، إما عن إخلاص ، وإما رغبة فى الكسب ، وإما خدمة للسياسة الفرنسية ؛ وهذه تؤيد السياسة الإنجليزية ، إما رغبة في الاستفادة ، وإما عن عقيدة أيضاً . D وظهر أثر ذلك في الجدل في المجالس والمناظرة فى الصحف. في هذا الأفق المملوء بالسحب ، ظهر «عبد الله نديم » ثانية ، وقد سمح له الخديو عباس بدخول ،مصر ، فمكث قليلا يتعرف الأحوال ، ويدرس ما فاته من شئون مصر مدة غيابه ، ثم صح عزمه على تحديد العرض وإنشاء جريدة الأستاذ » ، قال عنها : ( إنها جريدة علمية تهذيبية فكاهية » ، تصدر يوم