صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/259

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٣٧ –

- ۲۳۷ - وعجب مما رأى من أن كثيراً من أولى الرأى في الأمة أصابتهم الدهشة والرعب من الاحتلال ، فانطووا على أنفسهم ، ولزموا دورهم ، فإن تكلموا في الشؤون العامة فمن وراء حجاب ، وتركو الناس مبلبلة أفكارهم ، مضطربة نفوسهم ، لا يعرفون أين يتجهون ؛ فدعا إلى خروج ذوى الرأى من عزلتهم ، واختلاطهم بالرأى العام في المجامع العامة ، يخطبون فيهم ، ويشرحون ما حدث وما يحدث ، حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم. ، ضالة تلتمس في كل ذلك كتب «عبد الله نديم» فى الأعداد الأولى من « الأستاذ » - ووجد النفوس مستعدة لهذه الدعوات كأنها حائرة تنتظر الدليل ، الهادى ، فانتشر ( الأستاذ » انتشاراً فاق ما كان يتوقع ، فقد كان يطبع منه حول ثلاثة آلاف ، كأكبر جريدة يومية إذ ذاك ، وأعيد طبع الأعداد الأولى منه . وقد حاول مرة أن يحرر الجريدة كلها باللغة العربية الفصحى ، فأتته رسائل الاحتجاج الكثيرة تذكر له خطأه ، لأن المرأة تسمع مقالاته في بيتها ، والعامي يسمعها وهو فى مصنعه ومتجره ، والفلاح فى حقله ، وكلهم يستفيد من نقده ، وكثير يتعظ بنصحه ؛ فنزل عند رأيهم ، وأعادها كما كانت عربية فصيحة في بعضها ، عامية في بعضها . ثم نرى نغمته تعلو شيئاً فشيئاً في الميدان السياسي، ومناصرة الحركة الوطنية ، ومؤازرة الخديو عباس ، ومناهضة الاحتلال ، حتى بدا ذلك واضحاً في العدد الصادر في ١٧ يناير سنة ۱۸۹۳ ، فيفتتح العدد بمقال جرىء عنوانه : « لو مثلنا لفعلتم فعلنا » ؛ وهى كلمة كانت تتردد على لسان بعض الأوربيين يخاطبون بها الشرقيين ؛ ويقع المقال فى ست وعشرين صفحة من أقوى ما يكتب ، يصف فيها حالة الغرب وحالة الشرق ووسائل الاستعمار، وما إلى ذلك ، ويندد بالغربيين في أساليبهم ، وبالشرقيين فى غفلتهم ، ويشرح ما تفعله الحكومات الغربية