صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/263

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٤١ –

- ٢٤١ - فبنى كتابه كان ويكون على هذا ، ودوّن فيه ما كان يدور بينهما من حديث وجدل ؛ وأكثر ما نشر كان فى أصول الأديان ، وتاريخ اليهودية والمسيحية والإسلام، يتخلل ذلك بعض أخبار عن أحواله في محبته، وبعض نظرات سياسية . ونما يُؤسف له أن إقفال جريدة « الأستاذ » حال بينه وبين نشر القسم السياسي والتاريخ المصرى من الكتاب ، وما نشر منه يدل على نظر عميق واطلاع واسع وسماحة دينية لطيفة ، وعاطفة جياشة بحب الخير لمصر والشرقيين. -1- خرج ( النديم» إلى يافا، حيث كان قبل العفو عنه ، ورتبت له الحكومة المصرية خمسة وعشرين جنيها شهرياً يعيش بها ، على شرط ألا يكتب شيئاً في الجرائد يتصل بسياسة مصر. وما لبث أربعة أشهر في يافا حتى وشى به الوشاة بأنه يطعن في سياسة الدولة العلية ، ويلمز السلطان ؛ فصدر الأمر بإبعاده أيضاً . فأخذ يذرّع الأرض لا يعرف أين يستقر، فلامصر تقبله ، ولا أى أرض من أراضى الدولة العثمانية تحله ؛ ونزل الإسكندرية أياما حتى تحل مشكلته. وقد كان كثير من أحرار العثمانيين إذ ذاك قد سافروا إلى أوربة ومصر، وأنشأوا الجرائد يطالبون بالدستور و بإصلاح الدولة، وينقدون السلطان نقداً مرا. فكان من سياسة عبد الحميد فى بعض الأوقات أن يسترضى هؤلاء الناقمين ، ويحبب إليهم الإقامة في الآستانة تحت سمعه و بصره ، ويُجرى عليهم الرزق الواسع ، ويسند إليهم بعض المناصب ، فيتقى أذاهم ، ويستجلب رضاهم . فاحتشد في الآستانة من أرباب القلم واللسان عدد كبير ، منهم السيد جمال الدين الأفغاني وغيره من أدباء الترك وشعرائهم وساستهم ؛ فكان أن الغازي مختار باشا أشار على الدولة العلية أن تعامل عبد الله نديم هذه المعاملة فقيلت . وسافر إلى الآستانة ، وصدرت زعماء الإصلاح - م ١٦