صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/266

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٤٤ –

٢٤٤ له أعين تأتي له بكل الأخبار، فيستغلها أمهر استغلال . لم يقف عند الدين والولاية والصوفية ، بل مد نفوذه إلى الشؤون السياسية والإدارية والعسكرية. يحلم فلا حد لحلمه ، ويبطش فلا حد لبطشه . سمى « مستشار الملك » و « حامى العثمانيين » و « سيد العرب » . استعمال كثيراً من الأمراء والوجهاء والأعيان والعلماء والأدباء ، فكانوا عوناً له على كل ما أراد . يبطش بهم حين يريد البطش ويؤلف بهم الكتب حين يريد شهرة العلم ، وينظم بهم القصائد حين يريد الأدب والشعر ؛ إلى كرم وسماحة وحسن حديث . الدنيا كلها يجب أن تسخّر لشخصه ، وأن تخضع لأمره ، والحق ما أتى من طريقه ، والباطل ما أنى من طريق غيره - عدة كل إصلاح ، وخصيم كل خر . كم له من ضحايا في السجون، وفى أعماق البحار ، وفى ذل الفقر ، وفي بؤس المنفى . تتملقه الأسراء ، وتهابه العظماء وكم أنفذ أمره وأبطل أمر السلطان ، وكم تدلل على عبد الحميد فاسترضاء ، وبالغ في الطلب فأوفاه (۱) ! ! 6 هذا أبو الهدى الصيادى الذى لم يتحرز عبد الله نديم أن يخاصمه وينازله ، ويطلق فيه لسانه ؛ ووضع فيه كتاباً سماه « المسامير » ، لم ينشر في حياته ، وهو كتاب لا يشرف الصيادى ولا عبد الله نديم ، لأنه استعمل فيه أسلوباً وضيعاً وهجاه فيه هجاء مقذعا . و بلغ أبا الهدى أمر هذا الكتاب المخطوط ، فأبلغ السلطان عبد الحميد أن فيه أيضاً هجاء له . فبحث عنه طويلا من غير جدوى ، واستطاع ( جورج كرتشي » الذى كان متصلا بالسيد جمال الدين و « النديم ) أن يحتفظ به ويخفيه ويفرّ به إلى مصر، ثم يطبعه . (1) أوفاه : سمح له به كاملا .