صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/267

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٤٥ –

-420- لم تطل حياة ( النديم » فى الآستانة طويلا ، فقد أصيب بالشل ، واشتدت عليه العلة ، فمات فى العاشر من أكتوبر سنه ١٨٩٦ ؛ واحتفل بجنازته احتفالا كبيراً مشى فيه السيد جمال الدين - الذى تلحقه إلى ربه بعد أشهر - ودفن في مدفن يحيى أفندى فى « باشكطاش » . وكانت أمه وأخوه قد علما بشدة مرضه ، فسافرا إليه ، ولكن لم يدركاه إلا ميتاً ، ووجدا متاعه وأثاثه وكل شيء له قد نُهب ؛ فمادا وليس في يدها إلا الحزن والأسى . مات في نحو الرابعة والخمسين من عمره ، فلم يكن بالعمر الطويل ، ولكنه عمر عريض ، فطالما غذى الناس بقلمه ، وهيجهم بأفكاره ، وأضحكهم وأبكاهم ، وحير رجال الشرطة ، وأقلق بال رجال السياسة ، ونازل خصومه من رجال الصحافة ، فنال منهم أكثر مما نالوا منه ، ولم يهدأ له لسان ولا قلم حيث حل ، ولا على أى حال كان ؛ حتى هداه الموت الذي يهدى كل ثائر . مهما أخذ عليه فقد كان عظما ! فتح للناس في جريدتيه ( التبكيت والتنكيت » و « الأستاذ » أبواباً من الإصلاح الاجتماعى كانت مغلقة ، في التعليم والزراعة ، واللغة والصناعة ، والأخلاق وما إلى ذلك ؛ فسار المصلحون على أثره . وكانت الجرائد المشهورة في عهده « المقطم » و « الأهرام » و « المؤيد » و ( النيل » ؛ وكان لها ثلاثة اتجاهات : منها ما يسالم الاحتلال ويؤيده ، ومنها ما يؤيد الحركة الوطنية ويؤيد من ورائها السياسة الفرنسية ؛ ومنها ما يؤيد الحركة الوطنية والنزعة الإسلامية والارتباط بالدولة العثمانية ؛ وكل منها يعرض وجهة نظره فى شيء من الهدوء والرزانة والوقار . فلما طلع « الأستاذ » دعا إلى أن مصر للمصريين ، لا لتركيا ولا للأوربيين ، وناصر الحركة الوطنية D