صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/268

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٤٦ –

- ٢٤٦ - والالتفاف حول الخديو أمير البلاد ؛ ودعا الذين غلبهم الخوف بعد الاحتلال أن يبرزوا من مكامنهم ، ويمسحوا الخوف عنهم ، ويتصلوا بالجمهور ليوقظوه ؛ ودعا إلى تأليف الأحزاب حتى يكون لكل جريدة حزبها ، ولكل حزب برنامجه . ولم يسلك سبيل الهدوء كما سلكه معاصروه ، بل كان حادًا عنيفاً ، منه استتبعت الحدة من الجرائد الأخرى ، والغضب يبعث الغضب ، والصوت العالي يبعث فى الردّ عليه الصوت العالى ؛ فتميزت الجرائد بعضها عن بعض في وضوح وجلاء . والحدة وكانت هذه الحدة وهذا الجدل المتابع فى المسائل العامة أكبر موقظ للرأى العام النائم ، يفهمه موقفه وما يضره وما ينفعه ، وأى غاية يريد منه هؤلاء وهؤلاء ، ومواطن ضعفه ، وكيف السبيل إلى قوته ؛ وللنديم الفضل الكبير فى ذلك . وكانت جريدة « الأستاذه هي الأستاذ لمصطفى كامل، تعلم منها الاتجاه والنغمة ، و إن اختلفا من حيث الثقافة والأسلوب بحكم الزمن والأحداث والظروف . نعم كان فى ( النديم ( شيء من التهريج كالذي رأينا قبل . وكان من تهريجه أنه كان في أول أمره يرتدى الثياب الإفرنجية ، فلما ظهر بعد الاستخفاء لبس الجبة والقفطان ، واعتم بعمامة خضراء ، وادعى أنه شريف إدريسى ينتسب إلى الحسن بن على ؛ وكثير من الواقعين على الحقيقة ينكر ذلك ؛ وربما دعاه إلى هذا شعوره بمركب النقص ، من حيث نشأته الفقيرة المتواضعة ، وما مرن عليه من التصنع أيام الاستخفاء ، وحالة الوسط الذى عاش فيه من أنه لا يمجد إلا ذا الثراء أو ذا الحسب - ومع هذا فالعظيم يقدر بكله لا ببعضه . كانت عظمته فى ذكائه وقوة لَسَنه . قال فيه المرحوم أحمد باشا تيمور : كان شهي الحديث ، حلو الفكاهة ، إذا أوجز ود المحدث أنه لم يوجز. لقيته مرة في آخر إقاماته بمصر فرأيت رجلا فى ذكاء إياس ، وفصاحة سحبان ،