صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/278

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٥٤ –

- ٢٥٤ إلى نشرت في بعض الصحف أبحاثاً علمية سياسية في طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ، منها ما درسته، ومنها ما اقتبسته، غير قاصد بها ظالماً بعينه ، ولا حكومة مخصصة ، إنما أردت بذلك تنبيه الغافلين المورد الداء الدفين ، عسى أن يعرف الشرقيون أنهم هم المتسببون لما هم فيه ، فلا يعيبون على الأغيار ، ولا على الأقدار؛ ثم أضفت إليها بعض زيادات ، وحولتها إلى هيئة هذا الكتاب». وقد اقتبس فيه كثيراً من أقوال «ألفيرى» ، ولا أعرف كيف وصلت إليه ، وألغيرى "Alfieri Vittoria ، كاتب إيطالى عاش من سنة ١٧٤٩-١٨٠٣ م، من بيت نبيل، وقد ساح في أوربة نحو سبع سنوات ، ودرس كتب فولتير وروشو ومنتسكيو ، وتشبع بآرائهم الحرة ونعشق الحرية وكره الاستبداد أشد الكره، ووجه أدبه للتغنى بالحرية ومناهضة الاستبداد ، ينطق بذلك أبطال رواياته ، ويشه في كتاباته ، ولكن الكواكبي هضمها وعدلها بما يناسب البيئة الشرقية والعقلية الإسلامية ، وزاد عليها من تجار به وآرائه . -- وكتاب ( طبائع الاستبداد » يدور حول تعريف الاستبداد بأنه « صفة للحكومة المطلقة العنان ، التى تتصرف فى شئون الرعية كما تشاء ، بلا خشية حساب ولا عقاب » . ويأتى هذا من كون الحكومة مطلقة التصرف، لا يقيدها قانون ولا إرادة أمة ، أو أنها مقيدة بنوع من ذلك ولكنها تملك بنفوذها إبطال هذه القيود والسير على ما تهوى. والحكومات ميالة بطبعها إلى الاستبداد ، لا يصدّها عنه إلا وضعها تحت المراقبة الشديدة ومحاسبتها محاسبة لا تسامح فيها ، وإلا قوة الرأى العام وعظمة سلطانه والمستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ، ويحكم بهواه