صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/280

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٥٦ –

- T07- ولا أقل من أن يتخذ بطانة من أهل الدين يعينونه على ظلم الناس باسم الله !! ولقد رأى ( الكواكي » أن الإسلام في جوهره الأصيل لا ينطبق عليه هذا القول ، فهو مبنى على قواعد الحرية السياسية متوسطة بين الديمقراطية والأرستقراطية ، فهو مؤسس على أصول ديمقراطية ( أى المراعاة التامة للمصلحة العامة )، وعلى شورى أرستقراطية، أى شُورَى الخواص ، وهم أهل الحل والعقد. فالقرآن مملوء بتعاليم تقضى بإماتة الاستبداد ، والتمسك بالعدل، والخضوع لنظام الشورى، من مثل : ( وشاورهم في الأمر » ، « وأمرهم شورى بينهم ، حتى فى القصص، من مثل: « ما كنتُ فاطمة أمراً حتى تَشْهَدُون ». ومظهر هذا كان في أيام النبي ( ال العلم والخلفاء الراشدين. ثم لا يعرف الإسلام سلطة دينية ، ولا اعترافاً ، ولا بيع غفران ، ولا منزلة خاصة لرجال الدين. ولكن دخل عليه من الفساد ما دخل على كل دين، فتفرقت كلمة المسلمين وانقسموا شيعاً ، وتحول الحكم من نظام شورى إلى استبداد، فصُغُرت نفوس الناس وخفت صوتهم ، وأضاعوا مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو المبدأ الذى به يراقب أولو الأمر فى الأمة؛ فصار أمر المسلمين إلى ما نرى . ولم يتعرض المؤلف » للرد على الشطر الأول ، وهو ما يوحيه تصوير الله بالقوة والعظمة والسيطرة من خضوع النفوس للمستبد . وعندى أن الإسلام بجعله لا إله إلا الله » محور الدين ، تتكرر فى كل أذان وفي كل مناسبة ، كان كفيلا أن يذكر النفوس دائما بأن العزة لله وحده، وأن النفوس لا يصح أن تذل لأحد سواه، وأن هذه الكلمة توحى بالضعف أمام الله والقوة أمام من سواه . ولكن بتوالى القرون ، ودخول الدخيل من العقائد، أصبحت « لا إله إلا الله » عند أكثر المسلمين كلمة جوفاء لا روح فيها ، تبعث الضعف ولا تبعث القوة، وتبيح أن يشرك مع الله الحاكم المستبد والرئيس المستبد ، بل المال والجاه والمنصب،