صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/281

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٥٧ –

- YOY - فكل هذه وأمثالها أصبحت آلهة مع الله ؛ وفقد المدلول الحق للا إله إلا الله !!

ثم أبان أن الحاكم المستبد يخشى العلم ، لأن العلم نور ، وهو يريد أن تعيش الرعية في الظلام، لأن الجهل يمكنه من بسط سلطانه ، ( وروى أن حاكما مستبدا شرقياً كان له حرب سويسرى، فقال له يوماً بعد أن تأمر (۱) : ليتك تعنى بتربية الشعب وتعليمه ! » فقال الأمير : كلا ! إنى إن علمته صعب على حكمه ( 1 ) . والحاكم المستبد لا يخشى علوم اللغة والأدب ، ولا علوم الدين المتعلقة بالمقادي)، بل هو يستخدم العلماء من هذا القبيل لتأييده في استبداده، بسد أفواههم بلقيمات من فتات مائدته ؛ إنما ترتعد فرائصه من الفلسفة العقلية ، ودراسة حقوق الأمم ، وعلوم السياسة والاجتماع ، والتاريخ المفصل ، والقدرة على الخطابة الأدبية ، ونحو ذلك من العلوم التي تنير الدنيا وتثير النفوس على الظالم ، وتعرف الإنسان ما هو الإنسان ، وما هى حقوقه ، وكيف يطلبها ، وكيف ينالها ، وكيف يحفظها ؛ فإن المستبد سارق ، والعلماء من هذا القبيل يكشفون السرقة . ولذلك يكون الحاكم المستبد وهؤلاء العلماء في صراع دائم ؛ العلماء يحاولون الإنارة والمستبد يحاول إطفاءها ، وكلاهما يحاول كسب عامة الشعب ، فالمستبد يخيفهم اليستسلموا ، وهؤلاء العلماء ينيرونهم ليقولوا ويفعلوا . والحاكم المستبد تسره غفلة الشعب لأنه يتمكن بنقلهم من الصولة عليهم : يغصيب أموالهم فيحمدونه على إبقاء حياتهم، ويضرب بعضهم ببعض فيصفونه بحسن السياسة والكياسة ، ويُشرف فى أموالهم فيقولون إنه كريم ، ويقتلهم ولا (۱) تأمر : تولى الحكم . (۲) المعاد : عودة الحياة في الدار الآخرة . زعماء الإصلاح - م ١٧