صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/283

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٥٩ –

- ٢٥٩ - عندما نقد ابن خلدون الإمام الحسين بن على وأمثاله ، وقال إنهم يعرضون أنفسهم للموت بخروجهم في فئة قليلة على الخليفة ذي السلطان والعدد والعدد ، فيلقون بأنفسهم إلى التهلكة . فقال ( الكواكبي»: إنهم معذورون ، لأنهم يفضلون الموت كراما على حياة الذل التي كان يحياها ابن خلدون ، وهم في ذلك ككرام سباع الطير والوحوش التى تأبى التناسل في أقفاص الأمر، وتحاول الانتحار تخلصاً من قيود الذل - وغضبة الكواكبي على ابن خلدون سببها عصبيته لأهل البيت ، إذ كان من الأشراف ، وفيه نزعة لحب المجد ولو كان فيه فقد الحياة . فابن خلدون يتحدث بالعقل ، والكواكبي يتحدث بالعاطفة . والمجد أنواع : : « مجد الكرم » وهو بذل المال في سبيل المصلحة العامة ، وهو أضعف أنواع المجد ، و « مجد العلم» وهو نشر العلم النافع برغم عوائق السلطات. و ا مجد النبالة ) وهو بذل النفس بالتعرض للمشاق والأخطار في سبيل نصرة الحق ، وهذا أعلى المجد . ويقابل المجد التمجد ، أى المجد الكاذب، وهو أن يكون الإنسان مستبداً صغيراً في كنف المستبد الأعظم، وهذا يزدهر في الحكومات المستبدة ، لأن الحكومات الحرة تحافظ على التساوى بين الأفراد ، ولا تميز بعض الأفراد إلا بخدمة عامة للأمة أو عمل عظيم يوفق إليه . أما في الحكومات المستبدة فالمتجدون أعداء للمدل ، أنصار للظلم ، ينتخبهم المستبد الأعظم ليقوى بهم سلطانه ، ويختارهم من ضعاف النفوس ويستغويهم بالمناصب والمراتب ، وأكثر ما يعتمد على المعرقين في التمجد ، الوارثين من آبائهم وأجدادهم مرض الاستبداد ؛ ومن هنا ظهرت في الأمم نغمة التمجد بالأصالة والأنساب . والحكومة المستبدة يظهر استبدادها في كل فروعها ، من المستبد الأعظم إلى الشرطي ، إلى الفراش، إلى كناس الشارع ، ولا يكون كل صنف من هؤلاء إلا من أسفل طبقته ، لأنه لا يهمهم المجد باستجلاب محبة الناس ، إنما يهمهم التمجد باكتساب