صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/285

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٦١ –

أمسك المكتنزون قسماً منها ؛ ولأن كثيراً من القادرين على العمل لا يجدون رءوس المال ) فإن الدين ورجال الأخلاق ينظرون إليه من حيث ضرره الأخلاقي، لأنه متى انتشر قسم الناس إلى عبيد وسادة ، وكان سبباً في ضياع استقلال الضعيفة والحكومة الاستبدادية سبب في اختلال نظام الثروة ، فهى تجمل رجال السياسة والدين ومن يلحق بهم يتمتعون بحظ عظيم من مال الدولة ، مع أن عددهم لا يتجاوز الواحد في المائة ، وهى تخصص المال الكثير لترف المستبد وسرقه ؛ وتعدق على صنائعها (۱) ، ومن يُستخدم لتحصيل شهواتها ، ومن يعينها على طغيانها، وسائر أفراد الشعب في شقاء وفقر و بؤس ! ثم الحكومات المستبدة تيسر للسفلة طرق الغنى بالسرقة والتعدى على الحقوق العامة ، ويكفى أحدهم أن يتصل بياب أحد المستبدين ويتقرب من أعتابه ، ويتوسل إلى ذلك بالتملق وشهادة الزور وخدمة الشهوات والتجسس ، ليسهل له الحصول على الثروة الطائلة من دم الشعب عرض «الكواكبي» بعد ذلك لأثر الاستبداد في فساد الأخلاق ، فالاستبداد يتصرف فى أكثر الميول الطبيعية والأخلاق الفاضلة فيضعفها أو يفسدها. فهو يفقد الإنسان عاطفة الحب ؛ فهو لا يحب قومه لأنهم عون الاستبداد عليه ، ولا يحب وطنه لأنه يشقى فيه ، وهو ضعيف الحب لأسرته لأنه ليس سعيداً فيها ، وهو لا يركن إلى صديقه لأنه قد يأتى عليه يوم يكون فيه هوناً على الاستبداد ومصدر شر له . (1) الصنائع جمع صنيعة ، وهو من تربيه وتخرجه وتختصه بعملك