صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/289

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٦٥ –

- ٢٦٥ - كالعلق يمتص دم الأمة فلا ينفك عنها حتى تموت ، ويموت هو بموتها ، والاستبداد يجعل الأمة منحطة في الإحساس ، منحطة في الإدراك ، منحطة في الأخلاق ، وهو يضغط عليها فتكون كدود تحت صخرة ؛ والمشفقون عليها يجب أن يسعوا في رفع الصخرة ولو حتا بالأظافر ذَرَّة بعد ذرة !! وهنا ضرب مثلاً يصح أن يخطب به الخطباء في الناس ليستيقظوا ؛ فوضع خطبة نموذجية لتنبيه المشاعر . ثم قال : إن الرقى الذى ينشده في ظل العدل هو أن يكون الشخص أميناً على جسمه وحياته بحراسة الحكومة التي لا تغفلُ عن المحافظة عليه ، أميناً على ملذاته الجسمية والفكرية باعتناء الحكومة بإيجاد أسبابها ، أميناً على حريته فلا يعتدى عليها ، أميناً على نفوذه كأنه سلطان عزيز فلا يمانع فى تنفيذ مقاصده النافعة ، أميناً على ماله وشرفه ، وما منحته الطبيعة من مزايا ؛ فما لم تتحقق هذه فالحكومة مستبدة ليست بيئة لترقى شعبها .. وأخيراً ما وسائل التخلص من الاستبداد ؟ يرى هو أن الاستبداد لا يقاوم بالقوة ، إنما يقاوم باللين وبالتدريج ؛ بيت الشعور بالظلم ، وهذا يكون بالتعليم والتحميس ؛ ذلك لأن الاستبداد محفوف بأنواع القوات : كقوة الجند ، وقوة المال ، وقوة رجال الدين ، وقوة الأغنياء ، فإذا قوبل بالقوة كانت فينة تحصد الناس ! وإنما الواجب المقاومة بالحكمة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة . والاستبداد مع اعتماده على هذه القوات كلها يضعف أمام الوسائل المحكمة في قلبه ، كما قيل : كم من جبار عنيد ، جدل ) . مظلوم صغير ! ! ويجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ما يحل محله ، ومعرفة الغاية معرفة دقيقة واضحة . ومتى وضحت الغاية المرسومة يجب السعى فى إقناع الناس بها واستجلاب رضاهم عنها وحملهم على النداء بها ، ويجب أن ينشر ذلك في كل الطبقات حتى (۱) جدله : صرعه .