صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/290

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٦٦ –

- ٢٦٦ - يصبح عقيدة ، فيتلهفون جميعاً على نيل الحرية وتحقيق المثل الذي ينشدونه ؛ عندئذ لا يسع المستبد إلا الإجابة طَوْعاً أو كَرْهاً . وقد حدد في ثنايا كتابه ، ماذا يقصد بالحكومة المستبدة ، فقال : إنها تشمل حكومة الحاكم الفرد المطلق ، كما تشمل حكومة الجمع ولو منتخباً إذا استبد ، بل قد يكون هذا الحكم أضر من استبداد الفرد . ويدخل في أنواع الاستبداد أنواع الاستعمار، فالمستعمر تاجر لا يرى إلا مصلحته . ولا عبرة بأسماء أنواع الحكومات إنما العبرة بحقيقتها ، وكل أمة فيها لون من ألوان الاستبداد ، ولكنها تختلف فيه كمية وكيفية ، فبعضها يمه الاستبداد مَسَّا خفيفاً ، وبعضها تغرق فيه من قدمها إلى مفرق رأسها . والغرب سبق إلى تقدير معنى الحرية والعدالة ، ولكنه لا يأخذ بيد الشرق ، بل يستغله لمصلحته . وواجب الغرب أن يرعى للشرق سابق فضله ، فيأخذ بيده ليخرجه إلى أرض الحياة ، ويعامله معاملة الأخ لأخيه ، لا السيد لعبده، ليتعاونا بعد على السير بالإنسانية . عن وبهذا ينتهى الكتاب . وهو فيه قوى مخلص ، مملوها غيرة وأسفاً ، وتلهفاً على رفع نير الاستبداد الشرق ، وهو إن استمد الفكرة من الغرب ، فهو يبسطها ويعدلها ويُعنى بتطبيقها . وقد يُؤخَذُ عليه حصر نفسه في دائرة النظريات، وكان الكتاب يكون أوقع في النفس لو ملاه بالشواهد وما رأى وسمع من أحداث وهو معروف بسعة الاطلاع ؛ فلو قرن النظريات بالشواهد لكان كتابه أكثر فائدة وأعم نفعاً ، ولكن يظهر أن قد منعه من ذلك أنه أراد أن يستتر فأخفى اسمه ولم يضعه على الكتاب . وقال فى مقدمة الكتاب : إنه لم يقصد ظالماً بعينه ولا حكومة مخصوصة ، ولو أتى بالشواهد لدلّ على الحكومة التي يقصدها ، ودلّ بذلك على نفسه؛ وما كان في ذلك من ضرر ، بل كان فيه كل النفع ؛ ولكن الأمور تقدر بأوقاتها وظروفها ، وهو فيما اكتنفه من ظروف كان فى عرضه النظريات فقط شجاعاً جريئاً.