صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/293

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٦٧ –

-2- أما كتابه الثانى ( أمّ القُرى ، فأدلّ على الابتكار وأوضح في إظهار الشخصية ، يقف فيه من المسلمين موقف الطبيب من المريض ، يفحص داءه ويتعرف أسبابه ويصف علاجه فى أسلوب قصص جذاب . تحدث فيه عن جمعية من المسلمين عُقدت فى مسكة حضرها ممثل أو أكثر لكل قطر إسلامي ، فعضو شاي ، وعضو إسكندرى ، ومصرى ومقدسى ويمنى و بصرى وتجدى ومدني ومكى وتونسی وفاسی و انجلیزی و رومی و کردی و تبریزی وتتری و قازانی وتركى وأفغاني وهندى وسندى وصينى ؛ وأسندت رياسة الجمعية للعضو المكي، والسكرتارية للسيد الفراتي - ويعني به الكواكبي نفسه - واجتمعوا كلهم قبيل الحج في مكان متطرف فى مكة يتداولون فى حال المسلمين . وكان أول اجتماع لهم في ١٥ ذى القعدة سنة ١٣١٦ هـ . فهل كانت هذه الجمعية حقيقية أو هى من نسج خياله ؟ يقول هو : إن لها أصلاً من الحقيقة، وإن الخيال ،تممها ، فهل هذا صحيح ، أو هو من قبيل تأييد الخيال كما يفعل كثير من الروائيين ؟ أرجح الرأى الثاني . على كل حال انعقدت الجمعية - فيما يقول - ووضع الرئيس منهج البحث ، وهو الكتمان ، لأنه أدعى إلى إفضاء كل بما في نفسه في صراحة ، وتناسى الاختلاف فى المذاهب ، فلا سُنّى وشيعى ، ولا شافعى وحنفى ، فالكل مسلم . ثم التحرر من اليأس في الإصلاح ، فهذه أمم كثيرة كالرومان واليونان واليابان ، استرجعت مجدها بعد تمام ضعفها ؛ خصوصاً وأن الظواهر كلها تدل على أن الزمان قد استدار، وبدأت تظهر أعراض الصحة على المسلمين ، ومن أعظم الظواهر انعقاد مثل هذه الجمعية ، ووضع برنامج المؤتمر، وهو يتلخص في بحث موضع الداء في المسلمين وأعراضه وجراثيمه ودوائه وكيفية استعماله إلخ .