صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/294

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٦٨ –

قال الرئيس : إن أوضح عَرَض من أعراض مرض المسلمين فتورهم ، وهو فتور عام شامل لجميع المسلمين في جميع أقطار الأرض ، لا يسلم منه إلا أفراد شذاذ ، حتى لا يكاد يوجد إقليمان متجاوران ، أو ناحيتان في إقليم ، أو قريتان في ناحية، أو بيتان في قرية ، أهل أحدهما مسلمون والآخر غير مسلمين ، إلا والمسلمون أقل من جيرانهم نشاطاً وانتظاما ، وأقل إتقانا من نظرائهم في كل فن وصنعة - مع أن المسلمين في جميع الحواضر متميزون عن غيرهم من جيرانهم في المزايا الخلقية ، مثل الأمانة والشجاعة والسخاء - حتى توهم كثير من الحكماء أن الإسلام والنظام لا يجتمعان ! فما هو السبب ؟ وقد لفت نظره العضو الهندى إلى أنه مع تسليمه بما قال الرئيس ، يود أن يستثنى بعض حالات فيها المسلمون خير من جيرانهم ، كبعض الوثنيين في الهند ، والصابئة فى العراق ؛ فوافقه الرئيس وشكره على دقة ملاحظته . - ثم أخذوا - بعد التسليم بوجود العرض - يبحثون في الأسباب . وذهبوا في ذلك كل مذهب ؛ فالشامى رأى أن سبب الفتور يرجع إلى ما أصاب المسلمين من عقيدة جبرية ، فهذه العقيدة فى القضاء والقدر على هذا النحو الت إلى الزهد في الدنيا ، والقناعة باليسير والكفاف من الرزق ، وإماتة المطالب النفسية كتب المجد والرياسة ، والإقدام على عظائم الأمور ، فأصبح المسلم كميت قبل أن يموت والعقيدة بهذا الشكل مثبطة معطلة لا يرضاها عقل ، ولم يأت بها شرع . والمقدسى رأى أن السبب تحول نوع السياسة الإسلامية من ديمقراطية إلى استبدادية ، فأفدت العقول وأماتت الأخلاق . ورد التونسي بأن بعض الأمم الأوربية محكومة بحكومة استبدادية ولم يمنع ذلك من تقدمها ، وإنما السبب فى نظره الأسراء المترفون الذين لم يرعوا للأمة حقوقها