صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/296

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ٢٧٠ –

- ۲۷۰ - البذور الضارة فى أبنائهن وبناتهن ، فماتت النفوس وحرفت العقول . وهؤلاء المدلسون وجدوا في بغداد ومصر والشام وغمروا الشوق في الآستانة ، وسرى من هذه العواصم إلى جميع الآفاق فأصبح المرض عاما وانضم الرومى إلى هذا الرأى وزاده إيضاحا ، فقال : إن داءنا الدفين دخول ديننا تحت ولاية العلماء الرسميين والجمال المتعممين ؛ وبلغ أمرهم في البلاد العثمانية أن صارت الألقاب العلمية منحة رسمية تعطى للجهال ، حتى للأميين والأطفال ) كمشيخة الطرق عندنا ) . فقد يكون طفلا ويمنح بالوراثة لقب « أعلم العلماء المحققين»، ثم « أفضل الفضلاء المدققين » ، ثم وثم حتى يوصف بأنه أعلم العلماء المتبحرين ، وأفضل الفضلاء المتورعين ، وينبوع الفضل واليقين » وأكثرهم لا يحسنون حتى قراءة ألقابهم . وطبيعي أن هؤلاء يقابلون السلطان بالمثل ، فهو صاحب العظمة والإجلال ، المنزه عن النظير والمثال ، مهبط الإلهامات مصدر الكرامات ، سلطان السلاطين ، مالك رقاب العالمين . وأصبح التدريس والإرشاد والوعظ والخطابة والإمامة وسائر الخدم الدينية سلماً تباع وتشرى ، وتوهب وتورث . وتسلط هؤلاء المتعممون على المجالس والإدارات ، واتخذ الأمراء من ذلك وسيلة يعتذرون بها عند الدول الأجنبية بأن الرأى العام - وعلى رأسه المعمون - لا يقبلون الإصلاح المدنى .. أجاب الكردى بأن هذا الداء خاص ببعض الولايات : ولكن عرض الفتور عام في الولايات الإسلامية التى فيها هذا الشأن وغيره ، فلا بد أن يكون السبب شيئاً أعم من ذلك . وعندى أن السبب هو أن المسلمين أصيبوا باقتصارهم على العلوم الدينية وإهمالهم العلوم الدنيوية ، كالرياضة والطبيعة والكيمياء ، على حين أن هذه العلوم نمت فى الغرب وترقت وظهر لها ثمرات عظيمة في جميع الشئون المادية والأدبية ، حتى صارت عندهم كالشمس لا حياة لهم إلا بنورها ؛ وأصبح الا