صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/30

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

للمذهب في بيان الأضرار النفسية من هذه العقائد، فهي تُورث الذل وتخضع الناس للحكام الظالمين ، وتحط النفوس إلى الدَّرْكِ الأسفل ، ثم هي تضر اجتماعيا باعتماد الناس على هؤلاء الأولياء بتركهم القوانين الطبيعية التي جعلها الله أسباباً لابد منها لحصول المسبب . فالزراعة إنما تنجح بالحرث والتسميد والبذر والشقى ، لا بالاستغاثة بولى ؛ والحرب إنما تكسب باتخاذ سلاح مجهز على آخر طراز كسلاح العدو ، وإعداد العدة الكاملة كما يفعل العدو ، لا بالاستعانة بأهل القبور . وفضيلة المسلم أن يستعين بعد ذلك كله بالله وحده ، يطلب منه أن يثبت قلبه ، ويلهمه التوفيق . وهكذا كان يفيض فى هذين الأساسين مفتدا آراء من يقول بالتوسل والشفاعة والتقليد . وينتهز فرصة وجود جماعة من العلماء عنده فى يوم مولد النبي ، ودعوته للعشاء عند أحد المحتفلين ، فيبين لهم أن هذه الموالد كلها منكرات ، ويتمنى لو أنفق ما يُصرف في الموالد على تعليم الفقراء ، ويناظرهم في ذلك مناظرة تنتهى بانصراف العلماء إلى العشاء في المولد ، وامتناع الشيخ وحده . ويضع الشيخ تفسيراً لجزء « عم » للناشئة فيلتمس كل وسيلة للحملة على كل ما يشوب التوحيد من شرك بعبادة المشايخ والقبور والأضرحة والتخريف ، راجياً أن ينشأ الشباب نشأة دينية صحيحة خيراً مما عليه آباؤهم - وأعانه في هذه السبيل تلميذه وصديقه السيد محمد رشيد رضا في مجلة المنار ، فقد ملأها كذلك بمثل هذه الدعوة ومثل هذه الحجج ، يُسمع بها المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية . وفي تركيا قامت الحكومة التركية الكمالية بمحاربة هذه البدع والخرافات فأغلقت التكايا وكانت عش التدجيل ، وطاردت المشايخ ، واضطهدت المهرجين ؛ ولكن الفرق بين هذه الحركة وماقبلها أن كل الحركات السابقة كانت مؤسسة على الدين والإصلاح الديني ، والرجوع إلى الأصول الدينية ، أما هذه الحركة 11